الشَّرْطُ (الثَّالِثُ: كَوْنُ مَبِيعٍ) مَعْقُودٍ عَلَيْهِ ثَمَنًا كَانَ أَوْ مُثَمَّنًا (مَالًا) ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُقَابَلُ بِهِ، (وَهُوَ) ؛ أَيْ: الْمَالُ شَرْعًا (مَا يُبَاحُ نَفْعُهُ مُطْلَقًا) ؛ أَيْ: فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ؛ (بِخِلَافِ جِلْدِ مَيْتَةٍ دُبِغَ) ؛ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ نَفْعُهُ إلَّا فِي الْيَابِسَاتِ، (وَ) يُبَاحُ (اقْتِنَاؤُهُ بِلَا حَاجَةٍ) ، فَيَخْرُجُ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ؛ كَالْحَشَرَاتِ، وَمَا فِيهِ نَفْعٌ مُحَرَّمٌ؛ كَخَمْرٍ، وَمَا لَا يُبَاحُ إلَّا عِنْدَ الِاضْطِرَارِ؛ كَالْمَيْتَةِ، وَمَا لَا يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ؛ كَالْكَلْبِ؛ (كَبَغْلٍ وَحِمَارٍ) ؛ لِانْتِفَاعِ النَّاسِ بِهِمَا، وَتَبَايُعِهِمَا فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، (وَكَدُودِ " قَزٍّ " وَبَذْرِهِ) ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ الْحَرِيرُ الَّذِي هُوَ أَفْخَرُ الْمُلَابِسِ؛ بِخِلَافِ الْحَشَرَاتِ الَّتِي لَا نَفْعَ فِيهَا، (وَكَنَحْلٍ مُنْفَرِدٍ) عَنْ كُوَّارَتِهِ؛ أَيْ: خَارِجٍ عَنْهَا، بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ، يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهِ شَرَابٌ فِيهِ مَنَافِعُ لِلنَّاسِ، فَهُوَ، كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، (أَوْ) نَحْلٍ (مَعَ كِوَارَتِهِ) خَارِجًا عَنْهَا، وَنَحْلٍ مَعَ كِوَارَتِهِ (فِيهَا إذَا شُوهِدَ دَاخِلًا إلَيْهَا) لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ.
(وَشَرْطُ مَعْرِفَتِهِ) ؛ أَيْ: النَّحْلِ (بِفَتْحِ رَأْسِهَا) أَيْ: الْكِوَارَاتِ؛ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُشَاهَدَتُهُ دَاخِلًا إلَيْهَا، بَلْ يَكْفِي رُؤْيَتُهُ فِيهَا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ: (وَخَفَاءُ بَعْضِهِ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ) ؛ أَيْ: صِحَّةَ الْبَيْعِ؛ (كَالصُّبْرَةِ) ؛ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ بَيْعِهَا اسْتِتَارُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، وَفِي كَلَامِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْمَذْهَبُ لَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَتِهِ دَاخِلًا إلَيْهَا؛ فَلَا يَكْفِي فَتْحُ رَأْسِهَا وَمُشَاهَدَتُهُ فِيهَا. جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْفُرُوعِ " وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ.
(وَيَدْخُلُ الْعَسَلُ) الْمَوْجُودُ فِي الْكِوَارَةِ حَالَ الْبَيْعِ (تَبَعًا) لَهَا كَأَسَاسَاتِ الْحِيطَانِ، وَ (لَا) يَصِحُّ بَيْعُ (مَا كَانَ مَسْتُورًا) مِنْ النَّحْلِ (بِأَقْرَاصِهِ) ، وَلَمْ يُعْرَفْ لِلْجَهَالَةِ، (وَلَا) بَيْعُ (كِوَارَةٍ بِمَا فِيهَا مِنْ عَسَلٍ وَنَحْلٍ) لِلْجَهَالَةِ
(وَكَهِرٍّ) فَيَصِحُّ بَيْعُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِمَا فِي الصَّحِيحِ: «أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ النَّارَ فِي هِرَّةٍ لَهَا حَبَسَتْهَا» ) .
وَالْأَصْلُ فِي اللَّامِ لِلْمِلْكِ، وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ يُبَاحُ نَفْعُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute