الْبَيْعُ (بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ عِشْرِينَ نَسِيئَةً) ؛ «لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ» .
وَفَسَّرَهُ مَالِكٌ وَإِسْحَاقُ وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ بِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ لَهُ بِبَيْعٍ وَاحِدٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ أَحَدَ هَذَيْنِ، وَلِجَهَالَةِ الثَّمَنِ، (إلَّا إنْ تَفَرَّقَا) ، أَيْ: الْمُتَعَاقِدَانِ (فِيهِمَا) ، أَيْ: الصُّورَتَيْنِ (عَلَى أَحَدِهِمَا) ، أَيْ: أَحَدِ الثَّمَنَيْنِ فِي الْكُلِّ؛ فَيَصِحُّ؛ لِزَوَالِ الْمَانِعِ
(وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ شَيْءٍ (بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى قِيمَةَ الدِّرْهَمِ مِنْ الدِّينَارِ، وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ، وَاسْتِثْنَاءُ الْمَجْهُولِ مِنْ الْمَعْلُومِ يُصَيِّرُهُ مَجْهُولًا، (وَلَا) الْبَيْعُ (بِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا، أَوْ إلَّا قَفِيزًا، أَوْ نَحْوَهُ) ، مِمَّا فِيهِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ " الْمُنْتَهَى " " وَالْإِقْنَاعِ " جَعَلَا شُرُوطَ الْبَيْعِ سَبْعَةً، وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَهَا تِسْعَةً، فَلِذَلِكَ قَالَ: (وَيَتَّجِهُ أَنْ يُزَادَ) عَلَى مَا ذَكَرَاهُ شَرْطَانِ آخَرَانِ لِتَتِمَّ بِهِمَا الشُّرُوطُ التِّسْعَةُ، وَإِلَيْهِمَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: الشَّرْطُ (الثَّامِنُ: خُلُوُّ ثَمَنٍ) ، وَخُلُوُّ (مُثَمَّنٍ، وَ) خُلُوُّ (مُتَعَاقِدَيْنِ عَنْ مَوَانِعَ) فِي الْعَقْدِ تَمْنَعُ (صِحَّةَ) الْبَيْعِ، كَبِعْتُكَ هَذِهِ السِّلْعَةَ عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي مِائَةَ دِرْهَمٍ، فَلَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ (رِبًا) ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ إجْمَاعًا، (أَوْ اشْتِرَاطَ) شَرْطٍ مُفْسِدٍ لِلْبَيْعِ؛ كَبِعْنِي هَذَا بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أَرْهَنَكَ بِهَا، وَبِالْمِائَةِ الَّتِي لَكَ عِنْدِي غَيْرُهَا هَذَا الشَّيْءَ؛ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ الْمِائَةُ، وَمَنْفَعَةٌ هِيَ وَثِيقَةٌ بِالْمِائَةِ الْأُولَى، وَهِيَ مَجْهُولَةٌ، وَلِأَنَّهُ شَرَطَ عَقْدَ الرَّهْنِ بِالْمِائَةِ الْأُولَى، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ دَارِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَهُ الْآخَرُ دَارِهِ (أَوْ غَيْرَهُمَا) أَيْ: غَيْرَ الرِّبَا وَالِاشْتِرَاطِ مِنْ الْمُبْطِلَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْآتِيَةِ؛ (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ أُمِّ وَلَدٍ، وَلَا) بَيْعُ قِنٍّ (مَنْذُورٍ عِتْقُهُ، أَوْ) مَنْذُورٍ (تُصُدِّقَ بِهِ نَذْرَ تَبَرُّرٍ) ؛ بِخِلَافِ نَذْرِ الْغَضَبِ وَاللَّجَاجِ، وَنَذْرِ الْمَعْصِيَةِ؛ فَلَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ؛ لِلْخَبَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute