للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مُسَاقَاةٍ وَمُزَارَعَةٍ وَجَعَالَةٍ وَنَحْوِهَا) ؛ كَشَرِكَةٍ، فَهَذِهِ كُلُّهَا كَالْبَيْعِ؛ فَتَحْرُمُ وَلَا تَصِحُّ إذَا سَبَقَتْ لِلْغَيْرِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِيذَاءِ، وَ (لَا) يَحْرُمُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (بَعْدَ رَدٍّ لِلْعَقْدِ) لِأَنَّ الرِّضَا بَعْدَ الرَّدِّ غَيْرُ مَوْجُودٍ (وَلَا) يَحْرُمُ (بَذْلٌ بِأَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَى كَقَوْلِهِ لِمُشْتَرٍ) شَيْئًا (بِعَشَرَةٍ) : أَنَا (أُعْطِيكَ مِثْلَهُ بِأَحَدَ عَشَرَ) ؛ لِأَنَّ الطَّبْعَ يَأْبَى إجَابَتَهُ.

(وَحَرُمَ سَوْمٌ عَلَى سَوْمِهِ) ؛ أَيْ: الْمُسْلِمِ (مَعَ الرِّضَا) مِنْ الْبَائِعِ (صَرِيحًا) ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَسُمْ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(وَيَصِحُّ عَقْدٌ) مَعَ سَوْمِهِ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ السَّوْمُ لَا الْبَيْعُ، وَ (لَا) يَحْرُمُ (زِيَادَةٌ فِي مُنَادَاةٍ) قَبْلَ الرِّضَا إجْمَاعًا، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَزَالُوا يَتَبَايَعُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ بِالْمُزَايَدَةِ.

(وَإِنْ حَضَرَ) ؛ أَيْ: قَدِمَ (غَرِيبٌ) بَلَدًا غَيْرَ بَلَدِهِ (لِبَيْعِ سِلْعَتِهِ بِسِعْرِ يَوْمِهَا) ؛ أَيْ: ذَلِكَ الْوَقْتِ (وَجَهِلَهُ) ؛ أَيْ: جَهِلَ الْغَرِيبُ سِعْرَ سِلْعَتِهِ بِذَلِكَ الْبَلَدِ (وَقَصَدَهُ) ؛ أَيْ: الْغَرِيبُ (حَاضِرٌ) بِالْبَلَدِ (عَارِفٌ بِهِ) ؛ أَيْ: السِّعْرِ (وَبِالنَّاسِ إلَيْهَا) ؛ أَيْ: السِّلْعَةِ (حَاجَةٌ، حَرُمَتْ مُبَاشَرَتُهُ) ؛ أَيْ: الْحَاضِرِ (الْبَيْعَ لَهُ) ؛ أَيْ: الْغَرِيبِ؛ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ، وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ حَاضِرٌ لِبَادٍ، قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِأَنَّهُ مَتَى تَرَكَ الْغَرِيبَ يَبِيعُ سِلْعَتَهُ اشْتَرَاهَا النَّاسُ بِرُخْصٍ وَوَسَّعَ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا تَوَلَّى الْحَاضِرُ بَيْعَهَا امْتَنَعَ مِنْهُ إلَّا بِسِعْرِ الْبَلَدِ فَيُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ.

(وَبَطَلَ) بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْغَرِيبِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ (رَضَوْا) ؛ أَيْ: أَهْلُ الْبَلَدِ بِذَلِكَ (أَوْ لَا) ؛ لِعُمُومِ الْخَبَرِ

(فَإِنْ فُقِدَ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ) بِأَنْ كَانَ الْقَادِمُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، أَوْ بَعَثَ بِهَا لِلْحَاضِرِ، أَوْ قَدِمَ الْغَرِيبُ لَا لِبَيْعِ السِّلْعَةِ، أَوْ لِبَيْعِهَا لَا بِسِعْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>