للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ نَقْدًا، فَقَالَتْ لَهَا: بِئْسَ مَا اشْتَرَيْتِ وَبِئْسَ مَا شَرَيْتِ، أَبْلَغِي زَيْدًا أَنَّ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَطَلَ إلَّا أَنْ يَتُوبَ.

وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى الرِّبَا.

(وَكَذَا الْعَقْدُ الْأَوَّلُ، حَيْثُ كَانَ وَسِيلَةً لِلثَّانِي) ؛ فَيَحْرُمُ، وَيَبْطُلُ لِلتَّوَسُّلِ بِهِ إلَى مُحَرَّمٍ.

(قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: (هُوَ قَوْلُ) الْإِمَامِ (أَحْمَدَ، وَ) الْإِمَامِ (أَبِي حَنِيفَةَ، وَ) الْإِمَامِ (مَالِكٍ) .

قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَهُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي لِأَجْلِهَا بَطَلَ الثَّانِي - وَهُوَ كَوْنُهُ ذَرِيعَةً لِلرِّبَا - مَوْجُودَةٌ إذَنْ فِي الْأَوَّلِ، (وَتُسَمَّى) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ (مَسْأَلَةَ الْعِينَةِ) ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ (لِأَنَّ مُشْتَرِيَ السِّلْعَةِ إلَى أَجَلٍ يَأْخُذُ بَدَلَهَا عَيْنًا) ؛ أَيْ: نَقْدًا (حَاضِرًا) .

قَالَ الشَّاعِرُ:

أَنِدَّانِ أَمْ نَعْتَانِ أَمْ يَنْبَرِي لَنَا ... فَتًى مِثْلُ نَصْلِ السَّيْفِ مِيزَتْ مَضَارِبُهُ

وَمَعْنَى نَعْتَانِ: نَشْتَرِي عِينَةً كَمَا وَصَفْنَا وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إلَى دِينِكُمْ» .

(وَعَكْسُهَا) ؛ أَيْ: عَكْسُ مَسْأَلَةِ الْعِينَةِ، بِأَنْ يَبِيعَ شَيْئًا بِنَقْدٍ حَاضِرٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ أَوْ وَكِيلِهِ بِنَقْدٍ أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ مِنْ جِنْسِهِ غَيْرَ مَقْبُوضٍ، إنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ بِنَحْوِ ثَمَنٍ أَوْ تَعَلُّمِ صَنْعَةٍ (مِثْلِهَا) فِي الْحُكْمِ نَقَلَهُ حَرْبٌ؛ لِأَنَّهُ يُتَّخَذُ وَسِيلَةً إلَى الرِّبَا (وَإِنْ تَغَيَّرَتْ صِفَتُهَا) ؛ أَيْ: السِّلْعَةِ (بِمَا يُنْقِصُهَا) ؛ كَهُزَالِ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ؛ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِدُونِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَيَصِحُّ (أَوْ) تَغَيَّرَتْ صِفَةُ السِّلْعَةِ بِمَا (يَزِيدُهَا) - كَمَا فِي نُسْخَةٍ - كَالثَّمَنِ وَتَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ؛ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (أَوْ اشْتَرَاهَا) بَائِعُهَا بِثَمَنٍ مَقْبُوضٍ (مِنْ غَيْرِ مُشْتَرِيهَا) ؛ كَمَا لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>