(فَالِانْتِفَاعُ) أَيْ: انْتِفَاعُ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِمَا اسْتَثْنَاهُ (بِحَالِهِ) لَمْ يَتَغَيَّرْ بِبَيْعِ الْمَبِيعِ ثَانِيًا (وَلِمُشْتَرٍ) ثَانٍ (لَمْ يَعْلَمْ) بِالْحَالِ (الْخِيَارَ) ؛ كَمَنْ اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً، أَوْ دَارًا مُؤَجَّرَةً غَيْرَ عَالِمٍ بِذَلِكَ (وَلَوْ أَرَادَ مُشْتَرٍ إعْطَاءَ بَائِعٍ عِوَضًا عَنْ نَفْعِ مَا اسْتَثْنَى؛ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ) ، وَلَهُ اسْتِيفَاءُ النَّفْعِ مِنْ عَيْنِ الْمَبِيعِ نَصًّا؛ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِهِ؛ كَالْمُؤَجَّرَةِ، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ بَائِعٌ الْعِوَضَ، وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ جَازَ.
(وَكَذَا) ؛ أَيْ: كَشَرْطِ بَائِعٍ نَفْعًا مَعْلُومًا فِي مَبِيعٍ (شَرَطَ مُشْتَرٍ نَفْعَ بَائِعٍ) نَفْسِهِ (فِي مَبِيعٍ؛ كَ) شَرْطِ (حَمْلِ حَطَبٍ) مَبِيعٍ؛ (أَوْ تَكْسِيرِهِ، وَ) كَشَرْطِهِ (خِيَاطَةَ ثَوْبٍ) مَبِيعٍ، (أَوْ تَفْصِيلَهُ، أَوْ) شَرْطِ (جَزِّ رَطْبَةٍ) مَبِيعَةٍ.
قَالَ فِي " الْمُطْلِعِ ": الرَّطْبَةُ - بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ - نَبْتٌ مَعْرُوفٌ، يُقِيمُ فِي الْأَرْضِ سِنِينَ، كُلَّمَا جُزَّ نَبَتَ، وَهُوَ الْقَضْبُ أَيْضًا، وَهِيَ الْفِصْفِصَةُ - بِفَائَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ، وَصَادَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ - وَتُسَمَّى فِي الشَّامِ فِي زَمَنِنَا الْفِصَّةَ.
(أَوْ) شَرْطِ (حَصَادِ زَرْعٍ) ، أَوْ جُذَاذِ ثَمَرَةٍ، أَوْ ضَرْبِ حَدِيدٍ سَيْفًا أَوْ سِكِّينًا، (بِشَرْطِ عِلْمِهِ) ؛ أَيْ: النَّفْعِ الْمَشْرُوطِ، بِأَنْ يُعْلَمَ مَثَلًا الْمَحَلُّ الْمَشْرُوطُ حَمْلُ الْحَطَبِ إلَيْهِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ لِمَا رُوِيَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمٍ اشْتَرَى مِنْ نَبَطِيٍّ جُرْذَةَ حَطَبٍ، وَشَارَطَهُ عَلَى حَمْلِهَا.
وَلِأَنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ الْحَطَبَ، وَأَجَّرَهُ نَفْسَهُ لِحَمْلِهِ، أَوْ بَاعَهُ الثَّوْبَ، وَأَجَّرَهُ نَفْسَهُ لِخِيَاطَتِهِ، وَكُلٌّ مِنْ الْمَبِيعِ وَالْإِجَارَةِ يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ؛ فَجَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ كَالْعَيْنَيْنِ
وَمَا احْتَجَّ بِهِ الْمُخَالِفُ مِنْ «نَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» ؛ لَمْ يَصِحَّ.
قَالَ أَحْمَدُ إنَّمَا النَّهْيُ عَنْ شَرْطَيْنِ فِي بَيْعٍ، وَهَذَا يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى جَوَازِ الشَّرْطِ الْوَاحِدِ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ النَّفْعُ، بِأَنْ شَرَطَ حَمْلَ الْحَطَبِ عَلَى بَائِعِهِ إلَى مَنْزِلِهِ، وَهُوَ لَا يُعْلَمُ؛ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ؛ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً؛ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ بَائِعٌ نَفْعَ غَيْرِ مَبِيعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ نَفْعَ بَائِعٍ فِي غَيْرِ مَبِيعٍ وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ.
(وَهُوَ) ؛ أَيْ: الْبَائِعُ الْمَشْرُوطُ نَفْعُهُ فِي الْمَبِيعِ (كَأَجِيرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute