(وَيَبْطُلُ خِيَارُهُمَا) ؛ أَيْ: الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي (مُطْلَقًا) ؛ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ خِيَارَ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ (بِتَلَفِ مَبِيعٍ) لَا يَحْتَاجُ لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ - وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ - عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، (خِلَافًا) " لِلْمُنْتَهَى " حَيْثُ قَالَ: بَعْدَ قَبْضٍ (أَوْ) ؛ أَيْ: وَيَبْطُلُ خِيَارٌ فِي مَبِيعٍ (احْتَاجَ لِحَقِّ تَوْفِيَةٍ) ؛ كَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَمَزْرُوعٍ بِيعَ بِذَلِكَ، وَتَلِفَ قَبْلَ قَبْضٍ؛ لِأَنَّ التَّالِفَ لَا يَتَأَتَّى عَلَيْهِ الْفَسْخُ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الْقَبْضِ؛ فَكَذَلِكَ يَبْطُلُ الْخِيَارُ؛ لَكِنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي؛ (كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ) ؛ أَيْ: الْمَبِيعَ (مُشْتَرٍ) ؛ فَمِنْ ضَمَانِهِ، وَيَسْقُطُ الْخِيَارُ، سَوَاءٌ قُبِضَ أَوْ لَمْ يُقْبَضْ، اشْتَرَى بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ، أَوْ لَا؛ لِاسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ بِذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ.
(وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا) أَيْ: الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي؛ (بَطَلَ خِيَارُهُ وَحْدَهُ) ، وَلَمْ يُورَثْ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ فَسْخٍ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ؛ فَلَمْ يُورَثْ؛ كَخِيَارِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، (لَا إنْ طَالَبَ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) ، فَإِنْ طَالَبَ بِهِ قَبْلَهُ؛ (فَيُورَثُ؛ كَشُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ) .
قَالَ أَحْمَدُ: الْمَوْتُ يَبْطُلُ بِهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: الشُّفْعَةُ، وَالْحَدُّ إذَا مَاتَ الْمَقْذُوفُ، وَالْخِيَارُ إذَا مَاتَ الَّذِي اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لَمْ تَكُنْ لِلْوَرَثَةِ، هَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَشْيَاءَ إنَّمَا هِيَ بِالطَّلَبِ، فَإِذَا لَمْ يَطْلُبْ فَلَيْسَ يَجِبُ، إلَّا أَنْ يَشْهَدَ أَنِّي عَلَى حَقِّي مِنْ كَذَا أَوْ كَذَا، أَوْ أَنِّي قَدْ طَلَبَتْهُ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ؛ كَانَ لِوَارِثِهِ الطَّلَبُ بِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي إرْثِ خِيَارٍ غَيْرِ خِيَارِ الشَّرْطِ.
(وَإِنْ جُنَّ) مَنْ اشْتَرَطَ الْخِيَارَ، (أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ؛ فَوَلِيُّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ) ؛ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ، أَمَّا فِي الْمَجْنُونِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ؛ فَلَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ لِأَحَدٍ، (وَكَذَا إنْ خَرِسَ) مَنْ اشْتَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ، (فَلَمْ تُفْهَمْ إشَارَتُهُ) فَهُوَ؛ كَمَجْنُونٍ، وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ؛ قَامَتْ مَقَامَ نُطْقِهِ.
(وَيُورَثُ خِيَارُ عَيْبٍ وَتَدْلِيسٍ مُطْلَقًا) ، سَوَاءٌ طَلَبَهُ مُسْتَحِقُّهُ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ فِيهِ الْمَالُ لِمُورَثٍ، فَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ؛ كَقَبُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute