وَفِي هَذَا الِاتِّجَاهِ مِنْ صِنَاعَةِ التَّعْبِيرِ مَا لَا يَخْفَى عَلَى النَّاقِدِ الْبَصِيرِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَتَصْحِيحِ كِلْتَا الْعِبَارَتَيْنِ، بِفَهْمٍ أَنِيقً وَنَظَرٍ دَقِيقٍ.
(وَلَا يَفْتَقِرُ رَدُّ) مُشْتَرٍ مَبِيعًا لِنَحْوِ عَيْبٍ (إلَى حُضُورِ بَائِعٍ، وَلَا إلَى رِضَاهُ، وَلَا لِحُكْمِ) حَاكِمٍ، كَالطَّلَاقِ، (وَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ) فِي الْمُعَامَلَاتِ (قُلْنَا إنَّ لَهُ) ، أَيْ: الْعَاقِدِ (الْفَسْخَ، فَإِنَّهُ يُفْسَخُ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ) ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ.
(وَلِمُشْتَرٍ مَعَ غَيْرِهِ) ، بِأَنْ اشْتَرَى شَخْصَانِ فَأَكْثَرُ (مَعِيبًا) صَفْقَةً وَاحِدَةً، أَوْ اشْتَرَيَا مَعِيبًا (بِشَرْطِ خِيَارٍ) ، أَوْ غُبِنَا، أَوْ دُلِّسَ عَلَيْهِمَا (إذَا رَضِيَ الْآخَرُ) بِالْبَيْعِ، وَأَمْضَاهُ (الْفَسْخُ فِي نَصِيبِهِ) مِنْ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ جَمِيعَ مَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ، فَجَازَ، (كَشِرَاءِ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ) شَيْئًا، ثُمَّ بَانَ عَيْبُهُ، أَوْ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَنَحْوِهِ، فَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا بَاعَهُ لَهُ، وَلَا تَشْقِيصَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُشَقَّصًا قَبْلَ الْبَيْعِ، و (لَا) يَرُدُّ وَاحِدٌ نَصِيبَهُ مِنْ مَعِيبٍ أَوْ مَبِيعٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ أَوْ نَحْوِهِ (إذَا وَرِثَ) الْمَعِيبَ أَوْ خِيَارَ الشَّرْطِ، (فَرَضِيَ بَعْضُ وَرَثَةٍ) ، لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَشْقِيصِ السِّلْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ بِرَدِّ أَحَدِهِمْ دُونَ الْبَاقِي، وَقَدْ أَخْرَجَهَا الْبَائِعُ عَنْ مِلْكِهِ غَيْرَ مُنْتَقِصَةٍ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهَا لِوَاحِدٍ، لَكِنْ لِمَنْ لَمْ يَرْضَ مِنْ الْوَرَثَةِ الْمُطَالَبَةُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْأَرْشِ لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ.
(وَيَتَّجِهُ مَا لَمْ يَكُنْ) الْمَبِيعُ الْمَعِيبُ (نَحْوَ مَكِيلٍ) ، كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَمَذْرُوعٍ، رَضِيَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِنَصِيبِهِ مِنْهُ مَعِيبًا، فَلِمَنْ سَخِطَهُ رَدُّ حِصَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ [وَهُوَ مُتَّجِهٌ] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute