(وَلَزِمَ نَاكِلًا) مِنْهُمَا (مَا حَلَفَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ) لِقَضَاءِ عُثْمَانَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلِأَنَّ النُّكُولَ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ نَكَلَ، وَبِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ. قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ بَدَّلَ أَحَدَ شِقَّيْ الْيَمِينِ، فَإِنَّهُ يُعَدُّ نَاكِلًا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا بِالْمَجْمُوعِ، (وَإِلَّا) يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ بَعْدَ التَّحَالُفِ، (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (الْفَسْخُ) ، وَلَوْ (بِلَا حَاكِمٍ) ؛ لِأَنَّهُ لِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةَ، أَشْبَهَ رَدَّ الْمَعِيبِ. (وَيُفْسَخُ) الْبَيْعُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا (ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فِي حَقِّهِمَا - وَلَوْ مَعَ ظُلْمِ أَحَدِهِمَا -) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ.
(وَلَا يُفْسَخُ) الْعَقْدُ (بِتَحَالُفٍ أَوْ جُحُودٍ) ، بَلْ مِنْ تَصْرِيحِ أَحَدِهِمَا بِالْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ صَحِيحٌ، فَلَمْ يُفْسَخْ بِاخْتِلَافِهِمَا وَتَعَارُضِهِمَا فِي الْحُجَّةِ، كَمَا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً.
قَالَ الْمُنَقِّحُ: (فَإِنْ نَكَلَا) ، أَيْ: امْتَنَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْحَلِفِ، (صَرَفَهُمَا) حَاكِمٌ، (كَمَا لَوْ نَكَلَ مَنْ تُرَدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ) عَلَى الْقَوْلِ بِرَدِّهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
(وَكَذَا إجَارَةٌ) اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ، (فَإِذَا تَحَالَفَا) - كَمَا تَقَدَّمَ - (وَفُسِخَتْ) الْإِجَارَةُ (بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةٍ) ، فَعَلَى مُسْتَأْجِرٍ (أُجْرَةُ مِثْلِ) الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ، (وَ) إنْ فُسِخَتْ أَثْنَاءَهَا، أَيْ: مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يُؤْخَذُ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ (بِالْقِسْطِ) مِنْ أُجْرَةِ مِثْلٍ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَا اسْتَوْفَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ.
(وَيَحْلِفُ بَائِعٌ فَقَطْ، إنْ كَانَ التَّحَالُفُ) فِي قَدْرِ الثَّمَنِ (بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنٍ وَفَسْخِ عَقْدٍ، بِنَحْوِ إقَالَةٍ أَوْ عَيْبٍ) ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ مُنْكِرٌ لِمَا يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَبْضِ.
(وَإِذَا تَحَالَفَا) ، أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ (بَعْدَ تَلَفِ بَيْعٍ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنٍ، غَرِمَ مُشْتَرٍ مِثْلَهُ) أَيْ: الْمَبِيعِ، إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (أَوْ قِيمَتَهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute