لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ) ، أَيْ: الْمُشْتَرِي، فَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَمِنْ ضَمَانِ بَائِعٍ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُقْبَضْ» ) . وَالْمُرَادُ بِهِ رِبْحُ مَا بِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ. قَالَهُ فِي " الْمُبْدِعِ " لَكِنْ لَوْ عَرَضَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَامْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ، ثُمَّ تَلِفَ، كَانَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِكَلَامِ " الْكَافِي " (بَلْ) عَلَى الْبَائِعِ (ضَمَانُ نَمَائِهِ) إنْ تَلِفَ بِتَعَدِّيهِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ بِيَدِهِ.
(وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) ، أَيْ الْمُشْتَرِي فِيهِ، أَيْ: الْمَبِيعِ بِنَحْوِ كَيْلٍ (قَبْلَ قَبْضِهِ - وَلَوْ أُقْبِض ثَمَنَهُ - بِإِجَارَةٍ) - مُتَعَلِّقٌ بِتَصَرُّفِهِ - (وَلَا بِبَيْعٍ - وَلَوْ لِبَائِعِهِ - وَلَا بِهِبَةٍ - وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ - وَلَا بِرَهْنٍ - وَلَوْ عَلَى ثَمَنِهِ - وَلَا بِاعْتِيَاضٍ عَنْهُ) ، أَيْ: أَخْذِ بَدَلِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ.
(وَيَتَّجِهُ تَصِحُّ حَوَالَةٌ) مِنْ مُشْتَرٍ (عَلَيْهِ) ، أَيْ: عَلَى بَائِعٍ بِمَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ، (وَ) تَصِحُّ حَوَالَةُ بَائِعٍ مُشْتَرِيًا (بِهِ) ، أَيْ: بِمَا شَرَاهُ مِنْهُ عَلَى مَنْ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ مِثْلُهُ (حَيْثُ كَانَ) الْمَبِيعُ ثَابِتًا (فِي الذِّمَّةِ) ، أَيْ: ذِمَّةِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، كَكَوْنِهِ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْحَوَالَةُ عَلَى الْبَائِعِ، أَوْ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَحْوُ قَرْضٍ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهَا حَوَالَةٌ عَلَى ثَابِتٍ مُسْتَقِرٍّ فِي الذِّمَّةِ، (خِلَافًا لَهُمَا) ، أَيْ: " لِلْمُنْتَهَى " " وَالْإِقْنَاعِ " (فِيمَا يُوهَمُ) مِنْ عِبَارَتَيْهِمَا، فَإِنَّ ظَاهِرَ مَا قَالَاهُ مَنْعُ الْحَوَالَةِ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ، وَلَوْ كَانَتْ بِثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ، كَبَدَلِ قَرْضٍ وَمُتْلَفٍ وَثَمَنِ مَبِيعٍ، كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ.
وَأَمَّا الْحَوَالَةُ عَلَى مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ، فَلَا تَصِحُّ بِاتِّفَاقِ فُقَهَائِنَا، لِحَدِيثِ: «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهُوَ يَشْمَلُ بَيْعَهُ مِنْ بَائِعِهِ وَغَيْرِهِ، وَقِيسَ عَلَى الْبَيْعِ مَا ذُكِرَ بَعْدَهُ، وَلِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ بَائِعِهِ، فَلَمْ يَجُزْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ بِيعَ مَكِيلٌ وَنَحْوُهُ جُزَافًا، كَصُبْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَثَوْبٍ، جَازَ تَصَرُّفٌ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، نَصًّا لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ مَا أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ حَبًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي، وَلِأَنَّ التَّعْيِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute