مَعَ تَعَيُّبٍ) ، أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ التَّعَيُّبِ، لِتَعَدِّيهِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ، بِخِلَافِ تَلَفِهِ بِفِعْلِهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ لَا مُقْتَضِي لِلضَّمَانِ سِوَى حُكْمِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ إتْلَافِ الْآدَمِيِّ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الضَّمَانَ بِالْبَدَلِ إنْ أُمْضِيَ الْعَقْدُ. وَحُكْمُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي الضَّمَانَ بِالثَّمَنِ إنْ فُسِخَ، فَكَانَتْ الْخِيرَةُ لِلْمُشْتَرِي بَيْنَهُمَا.
(وَ) حُكْمُ (شَاةٍ بِيعَتْ بِشَعِيرٍ، فَأَكَلَتْهُ) الشَّاةُ (قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَيْسَتْ) الشَّاةُ (بِيَدِ أَحَدٍ) ، انْفَسَخَ الْبَيْعُ، كَمَا لَوْ تَلِفَ الشَّعِيرُ (بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ هُنَا لَا يُنْسَبُ إلَى آدَمِيٍّ، (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ الشَّاةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ يَدِ أَجْنَبِيٍّ، (فَيَضْمَنُ) الشَّعِيرَ (مَنْ هِيَ بِيَدِهِ) ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ.
(وَلَوْ بِيعَ أَوْ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ مَا) ، أَيْ: مَبِيعٌ (اُشْتُرِيَ بِمَكِيلٍ وَنَحْوِهِ) كَمَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ أَوْ مَذْرُوعٍ، بِأَنْ اشْتَرَى عَبْدًا أَوْ شِقْصًا مَشْفُوعًا بِنَحْوِ صُبْرَةِ بُرٍّ عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ، ثُمَّ بَاعَ الْعَبْدَ، أَوْ أَخَذَ الشِّقْصَ بِشُفْعَةٍ، (ثُمَّ تَلِفَ الثَّمَنُ) - وَهُوَ الصُّبْرَةُ - بِآفَةٍ (قَبْلَ قَبْضِهِ، انْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ) الْوَاقِعُ بِالصُّبْرَةِ بِتَلَفِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ مُثَمَّنًا فَقَطْ، أَيْ: دُونَ الثَّانِي الْوَاقِعِ عَلَى الْعَبْدِ ثَانِيًا، وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، لِتَمَامِهِ قَبْلَ فَسْخِ الْأَوَّلِ، (فَيَغْرَمُ مُشْتَرِيهِ) ، أَيْ: مُشْتَرِي الْعَبْدِ أَوْ الصُّبْرَةِ (لِبَائِعٍ) لَهَا (قِيمَةَ الْمَبِيعِ) ، أَيْ: الْعَبْدِ أَوْ الشِّقْصِ، لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ عَلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا أَوْ أَحْبَلَ أَمَةً اشْتَرَاهَا بِذَلِكَ، ثُمَّ تَلِفَ، (وَيَأْخُذُ) الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ (مِنْ الشَّفِيعِ مِثْلَ الطَّعَامِ أَوْ نَحْوَهُ) ؛ لِأَنَّهُ ثَمَنُ الشِّقْصِ، وَمِنْ مُشْتَرِي الْعَبْدِ مِنْهُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ عَقْدُهُ، (وَمَا عَدَا ذَلِكَ) ، أَيْ: مَا اُشْتُرِيَ بِوَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ، (كَعَبْدٍ وَصُبْرَةٍ وَدَارٍ، يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ مُطْلَقًا) بِبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ وَعِتْقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ قَبْلَ قَبْضِهِ) ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ، كَالْقَبْضِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «كُنَّا نَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ بِالدَّرَاهِمِ، فَنَأْخُذُ عَنْهَا الدَّنَانِيرَ وَبِالْعَكْسِ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute