جَعْلًا لِلْمِائَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْكِيسِ، وَقَدْ لَا يُسَاوِي دِرْهَمًا، وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ إيمَاءٌ لِهَذَا الْمَأْخَذِ، (إلَّا أَنْ يَكُونَ) مَا مَعَ الرِّبَوِيِّ (يَسِيرًا لَا يُقْصَدُ) بِعَقْدٍ، (كَخُبْزٍ فِيهِ مِلْحٌ بِمِثْلِهِ) ، أَيْ: يُخْبَزُ فِيهِ مِلْحٌ، (وَ) كَخُبْزٍ فِيهِ مِلْحٌ (بِمِلْحٍ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْحَ فِي الْخُبْزِ لَا يُؤَثِّرُ فِي وَزْنٍ، فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، (أَوْ) يَكُونَ مَا مَعَ الرِّبَوِيِّ (كَثِيرًا) لَا يُقْصَدُ، (لَكِنْ) جُعِلَ فِيهِ (
لِمَصْلَحَةِ
الْمَقْصُودِ، كَمَاءٍ بِخَلِّ تَمْرٍ أَوْ) خَلِّ (زَبِيبٍ وَدِبْسٍ) ، فَلَا يَمْنَعُ الْمَاءُ بَيْعَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْخَلِّ وَالدِّبْسِ (بِمِثْلِهِ) ، فَيَجُوزُ بَيْعُ خَلِّ التَّمْرِ بِخَلِّ التَّمْرِ، وَخَلِّ الزَّبِيبِ بِخَلِّ الزَّبِيبِ، وَدِبْسِ التَّمْرِ بِدِبْسِ التَّمْرِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، وَلَا أَثَرَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِمَصْلَحَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.
وَيَجُوزُ الْبَيْعُ إنْ كَانَ مَعَ الرِّبَوِيِّ (مَاءٌ) كَثِيرٌ، لَكِنَّهُ (لَيْسَ لِمَصْلَحَتِهِ) ، أَيْ: مَصْلَحَةِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ، (كَلَبَنٍ مَشُوبٍ) بِمَاءٍ إذَا بِيعَ (بِمِثْلِهِ) ، وَكَالْأَثْمَانِ الْمَغْشُوشَةِ إذَا بِيعَتْ بِأَثْمَانٍ خَالِصَةٍ، فَلَا يَجُوزُ، لِلْعِلْمِ بِالتَّفَاضُلِ.
(وَيَصِحُّ) قَوْلُهُ: (أَعْطِنِي بِنِصْفِ هَذَا الدِّرْهَمِ نِصْفَ دِرْهَمٍ، وَبِالنِّصْفِ الْآخَرِ فُلُوسًا) ، كَدَفْعِ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ بِنِصْفِهِ نِصْفًا، وَبِنِصْفِهِ فُلُوسًا، وَكَمَا لَوْ قَالَ: أَعْطِنِي بِهَذَا الدِّرْهَمِ نِصْفًا وَفُلُوسًا، لِوُجُودِ التَّسَاوِي. ذَكَرَ ذَلِكَ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَيَتَّجِهُ أَنَّ) - بِتَشْدِيدِ النُّونِ - (صَارِفَ) قِطَعِ (دَرَاهِمَ) عَدَدٍ (بِنَحْوِ قِرْشٍ مَثَلًا) ، كَرِيَالٍ (إذَا) أَعْطَى مَنْ يُصَارِفُهُ الْقِرْشَ، وَ (أَخَذَ) بَدَلَ بَعْضِ قِطَعِ دَرَاهِمَ، وَأَخَذَ (تَتِمَّتَهُ فُلُوسًا أَوْ حَاجَةً، يَجُوزُ) ، وَقَوْلُهُمْ: أَعْطِنِي بِنِصْفِ هَذَا الدِّرْهَمِ نِصْفًا وَبِالْآخَرِ فُلُوسًا، لَيْسَ بِقَيْدٍ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ وَالتَّضْيِيقِ، بَلْ إنْ كَانَتْ الْفُلُوسُ مِقْدَارَ الْعُشْرِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، جَازَ، طَلَبًا لِلْيُسْرِ وَالسُّهُولَةِ، وَلَا يَرِدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ بَيْعِ دِرْهَمٍ فِيهِ غِشٌّ بِدِرْهَمٍ مُسَاوٍ لَهُ فِي الْغِشِّ يَقِينًا، فَإِنَّ ذَاكَ فِي بَيْعِ دِرْهَمٍ فِي دِرْهَمٍ مِثْلِهِ، وَأَمَّا هُنَا فَبَيْعُ قِرْشٍ بِقِطَعِ دَرَاهِمَ، وَتَتِمَّتِهِ فُلُوسًا أَوْ غَيْرَهَا، وَهَذَا لَا يَسَعُ النَّاسَ غَيْرُهُ، لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ
وَدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ
، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ [إنْ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute