وَالسَّوَادُ هُوَ سَوَادُ كِسْرَى الَّذِي فَتَحَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ، سُمِّيَ سَوَادًا، لِسَوَادِهِ بِالزُّرُوعِ وَالْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ تَاخَمَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ الَّتِي لَا زَرْعَ فِيهَا وَلَا شَجَرَ، كَانُوا إذَا خَرَجُوا مِنْ أَرْضِهِمْ إلَيْهِ ظَهَرَتْ لَهُمْ خُضْرَةُ الزَّرْعِ وَالْأَشْجَارِ، وَهُمْ يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْخُضْرَةِ وَالسَّوَادِ فِي الِاسْمِ، فَسَمَّوْا خُضْرَةَ الْعِرَاقِ سَوَادًا، وَسُمِّيَ عِرَاقًا، لِاسْتِوَاءِ أَرْضِهِ حِينَ خَلَتْ مِنْ جِبَالٍ تَعْلُو، أَوْ أَوْدِيَةٍ تُخْفَضْ، وَحَدُّهُ طُولًا مِنْ حَدِيثَةِ الْمَوْصِلِ إلَى عَبَّادَانَ، وَعَرْضًا مِنْ عذيب الْفَارِسِيَّةِ إلَى حُلْوَانَ، فَيَكُونُ طُولُهُ مِائَةً وَسِتِّينَ فَرْسَخًا، وَعَرْضُهُ ثَمَانِينَ فَرْسَخًا إلَّا قَرْيَاتٍ سَمَّاهَا أَحْمَدُ بانقيا، وَأَرْضَ بَنِي صلوبا وَالْحِيرَةَ وَأُلَّيْسَ كَانُوا صُلْحًا، فَأَمَّا الْعِرَاقُ فَهُوَ فِي الْعَرْضِ مُسْتَوْعِبٌ لِعَرْضِ السَّوَادِ عُرْفًا، وَيَقْصُرُ عَنْ طُولِهِ فِي الْعَرْضِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَهُ فِي شَرْقِيِّ دِجْلَةَ، ثُمَّ يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ أَعْمَالِ الْبَصْرَةِ مِنْ جَزِيرَةِ عَبَّادَانَ، فَيَكُونُ طُولُهُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا [يَقْصُرُ عَنْ طُولِ السَّوَادِ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ فَرْسَخًا، وَعَرْضُهُ ثَمَانُونَ فَرْسَخًا] كَالسَّوَادِ. قَالَ قُدَامَةُ بْنُ جَعْفَرٍ: يَكُونُ ذَلِكَ مُكَسَّرًا عَشَرَةَ آلَافِ فَرْسَخٍ (بِمَعْدِنِهَا الْجَامِدِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ، بِخِلَافِ الْجَارِي.
(وَلِبَائِعٍ لَمْ يَعْلَمْ) أَنْ فِي الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ مَعْدِنًا جَامِدًا (الْفَسْخُ) وَالْإِمْضَاءُ، وَكَذَا لَوْ ظَهَرَ فِيهَا بِئْرٌ أَوْ عَيْنُ مَاءٍ، وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ إعْلَامُ الْبَائِعِ بِذَلِكَ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَتَاعًا فَوَجَدَهُ خَيْرًا مِمَّا اشْتَرَى.
(وَ) تَنَاوَلَ (بِنَاءَهَا) ، أَيْ: الدَّارِ، لِدُخُولِهِ فِي مُسَمَّاهَا، (وَ) تَنَاوَلَ (فِنَاءَهَا) - بِكَسْرِ الْفَاءِ. مَا اتَّسَعَ أَمَامَهَا - (إنْ كَانَ) لَهَا فِنَاءٌ؛ لِأَنَّ غَالِبَ الدُّورِ لَا فِنَاءَ لَهَا، (وَ) تَنَاوَلَ (مُتَّصِلًا بِهَا) ، أَيْ: الدَّارِ (لِمَصْلَحَتِهَا، كَسَلَالِيمَ) مِنْ خَشَبٍ مُسَمَّرَةٍ - جَمْعُ سُلَّمٍ بِضَمِّ السِّينِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ مَفْتُوحَةً، وَهِيَ الْمِرْقَاةُ - مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّلَامَةِ تَفَاؤُلًا، (وَكَرُفُوفٍ مُسَمَّرَةٍ، وَكَأَبْوَابٍ) مَنْصُوبَةٍ وَحَلْقِهَا، (وَكَرَحًى مَنْصُوبَةٍ، وَكَخَوَابٍ مَدْفُونَةٍ، وَأَجْرِفَةٍ مَبْنِيَّةٍ) ، وَأَسَاسَاتِ حِيطَانٍ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَةُ لِمَصْلَحَتِهَا، أَشْبَهَ الْحِيطَانَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ السَّلَالِيمُ وَالرُّفُوفُ مُسَمَّرَةً، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute