(وَيَصِحُّ) تَأْجِيلُ السَّلَمِ (بِشَهْرٍ وَعِيد رُومِيَّيْنِ إنْ عُرِفَا؛ كَشُبَاطَ وَآذَارَ وَالنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ؛ أَشْبَهَ الْأَشْهُرَ الْعَرَبِيَّةَ وَأَعْيَادَ الْمُسْلِمِينَ؛ (وَإِلَّا) ؛ بِأَنْ اخْتَلَفَ ذَلِكَ الْعِيدُ الْمَشْهُورُ؛ (فَلَا) يَصِحُّ السَّلَمُ؛ (كَالسَّعَانِينَ وَعِيدِ الْفَطِيرِ) وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَجْهَلُهُ الْمُسْلِمُونَ غَالِبًا، وَلَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهِ، وَالسَّعَانِينُ - بِسِينٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَتَيْنِ - قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَغَيْرُهُ: هُوَ عِيدٌ لِلنَّصَارَى قَبْلَ عِيدِهِمْ الْكَبِيرِ بِأُسْبُوعٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيَقُولُ الْعَوَامُّ وَشِبْهُهُمْ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ: بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَذَلِكَ خَطَأٌ.
تَتِمَّةٌ: يُقْبَلُ قَوْلُ مُسْلَمٍ إلَيْهِ فِي قَدْرِ أَجَلٍ وَمُضِيِّهِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَى الْأَجَلَ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ، وَلِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَ التَّسْلِيمِ، وَهُوَ الْأَصْلُ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْضًا فِي مَكَانِ التَّسْلِيمِ، نَصًّا؛ إذْ الْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ مُؤْنَةِ نَقْلِهِ إلَى مَوْضِعٍ ادَّعَى الْمُسْلِمُ شَرْطَ التَّسْلِيمِ فِيهِ (وَمَنْ أُتِيَ لَهُ) - الْبِنَاءُ لِلْمَفْعُولِ - (بِمَا) ؛ أَيْ: دَيْنٍ (لَهُ مِنْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الدُّيُونِ قَبْلَ مَحِلِّهِ) - بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ - أَيْ: حُلُولِهِ، (وَلَا ضَرَرَ) عَلَيْهِ؛ أَيْ: الْمُسْلِمِ؛ كَخَوْفٍ وَتَحَمُّلِ مُؤْنَةٍ، أَوْ اخْتِلَافِ قَدِيمِ مُسْلَمٍ فِيهِ وَحَدِيثِهِ (فِي قَبْضِهِ) ؛ كَحَدِيدٍ وَرَصَاصٍ وَزَيْتٍ وَعَسَلٍ وَنَحْوِهَا؛ (لَزِمَهُ) ؛ أَيْ: رَبَّ الدَّيْنِ قَبْضُهُ نَصًّا؛ لِحُصُولِ غَرَضِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ؛ كَالْأَطْعِمَةِ وَالْحُبُوبِ وَالْحَيَوَانِ، أَوْ الزَّمَنُ مَخُوفًا؛ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبْضُهُ قَبْلَ مَحِلِّهِ، وَإِنْ أَحْضَرَهُ فِي مَحِلِّهِ؛ لَزِمَهُ قَبْضُهُ مُطْلَقًا؛ كَمَبِيعٍ مُعَيَّنٍ، (فَإِنْ أَبَى) قَبْضَهُ حَيْثُ لَزِمَهُ؛ (قَالَ لَهُ حَاكِمٌ: إمَّا أَنْ تَقْبِضَ أَوْ تُبَرِّئَ) مِنْ الْحَقِّ، (فَإِنْ أَبَاهُمَا) ؛ أَيْ: الْقَبْضَ وَالْإِبْرَاءَ؛ (قَبَضَهُ) الْحَاكِمُ (لَهُ) ؛ أَيْ: لِرَبِّ الدَّيْنِ؛ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُمْتَنِعِ، كَمَا يَأْتِي فِي السَّيِّدِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِ مَالِ الْكِتَابَةِ، (وَمَعَ ضَرَرٍ) فِي قَبْضِهِ؛ لِكَوْنِهِ مِمَّا يَتَغَيَّرُ؛ (كَالْفَاكِهَةِ) الَّتِي يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا مِنْ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ وَنَحْوِهِمَا؛ فَإِنَّهَا (تَتْلَفُ) سَرِيعًا، وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ، أَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute