وَبَرِئَ دَافِعٌ؛ كَمَا يَصِحُّ (شَرْطُهُ) ؛ أَيْ: الْوَفَاءِ (فِيهِ) ؛ أَيْ: غَيْرِ مَحَلِّ الْعَقْدِ؛ كَبُيُوعِ الْأَعْيَانِ، فَإِنْ دَفَعَهُ، فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَدَفَعَ مَعَهُ أُجْرَةَ حَمْلِهِ إلَيْهِ؛ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ تَرَاضَيَا؛ لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ بَعْضِ السَّلَمِ.
(وَلَا يَصِحُّ أَخْذُ رَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ أَوْ ضَمَانٍ بِمُسْلِمٍ فِيهِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيِّ فِي خِصَالِهِ " وَصَاحِبُ " الْمُبْهِجِ " وَالْإِيضَاحِ "، وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ. قَالَ فِي " الْخُلَاصَةِ ": لَا يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَرُوِيَتْ كَرَاهَتُهُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَلِأَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا يَجُوزُ بِشَيْءٍ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ، وَالضَّمَانُ يُقِيمُ مَا فِي ذِمَّةِ الضَّامِنِ مَقَامَ مَا فِي ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْعِوَضِ وَالْبَدَلِ عَنْهُ، وَكِلَاهُمَا لَا يَجُوزُ؛ لِلْخَبَرِ، (خِلَافًا لِجَمْعٍ) مِنْهُمْ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ " وَالْوَجِيزِ " وَالتَّصْحِيحِ " وَغَيْرُهُمْ؛ (وَلَا يَصِحُّ اعْتِيَاضٌ عَنْهُ) ؛ أَيْ: الْمُسْلَمِ فِيهِ، (وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُهُ، أَوْ) بَيْعُ (رَأْسِ مَالِهِ) الْمَوْجُودِ (بَعْدَ فَسْخِ) عَقْدٍ (وَقَبْلَ قَبْضٍ) عَلَى غَيْرِهِ حَوَالَةُ رَأْسِ مَالِهِ - (وَلَوْ) كَانَ الْبَيْعُ (لِمَنْ) هُوَ (عَلَيْهِ - وَلَا حَوَالَةَ بِهِ) مِنْ جَانِبِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى غَيْرِهِ، (وَلَا) حَوَالَةَ (عَلَيْهِ) مِنْ جَانِبِ الْمُسْلِمِ؛ لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَعَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَحَدِيثِ: «مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ، فَلَا يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهِ» وَلِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ؛ أَشْبَهَ الْمَكِيلَ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَأَيْضًا فَرَأْسُ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ فَسْخِهِ وَقَبْلَ قَبْضِهِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِعَقْدِ السَّلَمِ؛ أَشْبَهَ الْمُسْلَمَ فِيهِ.
وَتَصِحُّ هِبَةُ كُلِّ دَيْنٍ - وَلَوْ سَلَمًا - لِمَدِينٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ، فَإِنْ وَهَبَهُ دَيْنَهُ حَقِيقَةً؛ لَمْ يَصِحَّ؛ لِانْتِفَاءِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ وَاقْتِضَاءِ الْهِبَةِ وُجُودَ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ مُنْتَفٍ، وَمِنْ هُنَا امْتَنَعَ هِبَتُهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَ (لَا) يَصِحُّ هِبَةُ الدَّيْنِ (لِغَيْرِهِ) ؛ أَيْ: غَيْرِ الْمَدِينُ، (إلَّا لِضَامِنِهِ) بِهِ، فَيَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْإِسْقَاطِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute