وَإِنْ قَالَ رَبُّ سَلَمٍ لِغَرِيمِهِ: (أَنَا أَقْبِضُهُ) ؛ أَيْ: السَّلَمَ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ (لِنَفْسِي، وَخُذْهُ بِالْكَيْلِ الَّذِي تُشَاهِدُ؛ صَحَّ) قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ؛ لِوُجُودِ قَبْضِهِ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ. وَإِنْ قَالَ رَبُّ سَلَمٍ لِغَرِيمِهِ: (أَحْضِرْ اكْتِيَالِي مِنْهُ) ؛ أَيْ: مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ الْحَقُّ، (لِأَقْبِضَهُ لَك) ، فَفَعَلَ (صَحَّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ،) وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِ لِأَقْبِضَهُ لَكَ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ مَعَ نِيَّتِهِ لِغَرِيمِهِ كَمَعَ نِيَّتِهِ لِنَفْسِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بُدِّلَ قَوْلُهُ صَحَّ إلَى قَوْلِهِ وَاقْبِضْ لِغَرِيمِهِ صَحَّ لَهُمَا؛ لَمْ يَصِحَّ؛ أَيْ: الْقَبْضُ لَهُمَا؛ أَيْ: لِرَبِّ السَّلَمِ. وَغَرِيمِهِ، خِلَافًا لَهُمَا؛ أَيْ: " لِلْإِقْنَاعِ " وَالْمُنْتَهَى " حَيْثُ قَالَا بِصِحَّتِهِ تَبَعًا لِتَصْحِيحِ " الْفُرُوعِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَتَذْكِرَةِ " ابْنِ عَبْدُوسٍ "، وَقَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَهُوَ الْمَذْهَبُ، فَإِنْ صَحَّ نِسْبَةُ مَا فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ إلَى الْمُصَنِّفِ؛ فَمَحْمُولٌ عَلَى رِوَايَةِ مَرْجُوحَةٍ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهَا، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ صَحَّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ، أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَبْضًا " لِغَرِيمٍ " مَقُولٍ لَهُ ذَلِكَ؛ لِعَدَمِ كَيْلِهِ إيَّاهُ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَبَضَهُ جُزَافًا إنْ عَلِمَا، (فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) ؛ أَيْ: مَنْ حَضَرَ الِاكْتِيَالَ [ (فِيهِ) ؛ أَيْ: الْمَكِيلِ] (بِدُونِ اعْتِبَارِهِ، وَإِنْ بَرَأَتْ ذِمَّةُ دَافِعٍ) ؛ لِفَسَادِ الْقَبْضِ، (وَإِنْ تَرَكَهُ) ؛ أَيْ: تَرَكَ الْقَابِضُ الْمَقْبُوضَ (بِمِكْيَالِهِ، وَأَقْبَضَهُ لِغَرِيمِهِ؛ صَحَّ) الْقَبْضُ (لَهُمَا) ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْكَيْلِ كَابْتِدَائِهِ، وَقَبْضُ الْآخَرِ فِي مِكْيَالِهِ جَرَى لِمُصَاعِهِ فِيهِ، (وَلَوْ أَذِنَ لِغَرِيمِهِ بِالصَّدَقَةِ فِي دَيْنِهِ) الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ (عَنْهُ، أَوْ) أَذِنَ لَهُ فِي (صَرْفِهِ) وَالْمُضَارَبَةِ أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ قَالَ: اعْزِلْهُ وَضَارِبْ بِهِ، فَفَعَلَ؛ (لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْرَأْ) الْغَرِيمُ مِنْ الدَّيْنِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَلَوْ قَالَ رَبُّ الدَّيْنَ لِغَرِيمِهِ: (تَصَدَّقْ عَنِّي بِكَذَا، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ دَيْنِي) أَوْ قَالَ: أَعْطِ فُلَانًا كَذَا، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ دَيْنِي؛ ذَلِكَ، (وَكَانَ اقْتِرَاضًا) ، لَا تَصَرُّفًا فِي الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ كَمَا لَوْ قَالَهُ لِغَيْرِ غَرِيمِهِ، (لَكِنْ يَسْقُطُ مِنْ دَيْنِ غَرِيمِهِ بِقَدْرِهِ) ؛ أَيْ: قَدْرِ مَا قَالَ لَهُ تَصَدَّقْ عَنِّي وَنَحْوِهِ. (بِالْمُقَاصَّةِ) الْآتِيَةِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute