كَسَدَتْ) ، أَوْ نَفَقَتْ مَعَ بَقَاءِ التَّعَامُلِ بِهَا وَعَدَمِ تَحْرِيمِ السُّلْطَانِ لَهَا؛ فَيَرُدُّ مِثْلَهَا، سَوَاءٌ كَانَ الْغُلُوُّ وَالرُّخْصُ كَثِيرًا؛ بِأَنْ كَانَتْ عَشَرَةً بِدَانَقٍ فَصَارَتْ عِشْرِينَ بِدَانَقٍ، وَعَكْسُهُ، أَوْ قَلِيلًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ فِيهَا شَيْءٌ؛ إنَّمَا تَغَيَّرَ السِّعْرُ؛ فَأَشْبَهَ الْحِنْطَةَ إذَا رَخُصَتْ أَوْ غَلَتْ. (وَ) يَجِبُ رَدُّ (مِثْلِ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ) يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، لَا صِنَاعَةَ فِيهِ مُبَاحَةٌ. قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ " إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ يُضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ بِمِثْلِهِ، فَكَذَا هُنَا. قَالَ الْمُوَفَّقُ إذَا زَادَتْ قِيمَةُ الْفُلُوسِ أَوْ نَقَصَتْ؛ رَدَّ مِثْلَهَا؛ كَمَا لَوْ اقْتَرَضَ عَرَضًا مِثْلِيًّا؛ كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَهُ وَإِنْ غَلَا أَوْ رَخُصَ؛ لِأَنَّ غُلُوَّ قِيمَتِهِ أَوْ نُقْصَانَهَا لَا يُسْقِطُ الْمِثْلَ عَنْ ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ، فَلَا يُوجَدُ الْمُطَالَبَةُ بِالْقِيمَةِ، وَهَذَا هُوَ مُعَيَّنُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ نَصَّ الْإِمَامِ بِرَدِّ الْقِيمَةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَبْطَلَ السُّلْطَانُ الْمُعَامَلَةَ بِهَا، لَا فِي زِيَادَةِ الْقِيمَةِ وَنُقْصَانِهَا، (فَإِنْ أَعْوَزَ) الْمِثْلُ، فَلَمْ يُوجَدْ؛ فَتُرَدُّ (قِيمَتُهُ يَوْمَ إعْوَازِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ. (وَ) يَجِبُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ رَدُّ (قِيمَةِ غَيْرِهِمَا) ؛ أَيْ: الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ، فَضُمِنَ بِقِيمَتِهِ؛ كَالْغَصْبِ (يَوْمَ قَبْضٍ، وَلَوْ) كَانَ الْقَرْضُ (غَيْرَ جَوْهَرٍ) مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ قِيمَتُهَا فِي الزَّمَنِ الْيَسِيرِ بِكَثْرَةِ الرَّاغِبِ وَقِلَّتِهِ، فَتَزِيدُ زِيَادَةً كَثِيرَةً، فَيَنْضَرُّ الْمُقْتَرِضُ، وَتَنْقُصُ فَيَنْضَرُّ الْمُقْرِضُ، (خِلَافًا " لِلْمُنْتَهَى ") فَإِنَّهُ قَالَ: فَجَوْهَرٌ وَنَحْوُهُ يَوْمَ قَبْضٍ، وَغَيْرُهُ يَوْمَ قَرْضٍ، وَمَا فِي الْمُنْتَهَى " جَزَمَ بِهِ فِي " التَّنْقِيحِ " وَالْإِنْصَافِ " وَالْمُغْنِي " وَالشَّرْحِ " وَالْكَافِي " وَالْفُرُوعِ " وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فَصْلِ وَيَتَمَيَّزُ عَنْ مُثَمَّنٍ بِالْبِدَايَةِ، وَبَيَّنَّاهَا بَيَانًا لَا لَبْسَ مَعَهُ، فَلْتُرَاجَعْ هُنَاكَ، فَإِنَّهَا كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ، خُصُوصًا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ. (وَيُرَدُّ مِثْلُ كَيْلِ مَكِيلٍ دُفِعَ وَزْنًا) ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ هُوَ مِعْيَارُهُ الشَّرْعِيُّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute