(وَ) إنْ قَالَ مُقْتَرِضٌ: (أَقْرَضَنِي أَلْفًا) لِأَشْتَرِيَ بِهَا بَقَرًا وَبِذَارًا، (وَادْفَعْ لِي أَرْضَكَ أَزْرَعُهَا بِالثُّلُثِ) أَوْ نَحْوَهُ؛ (حَرُمَ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّ بِهِ نَفْعًا (خِلَافًا لِجَمْعٍ) مِنْهُمْ النَّاظِمُ وَصَاحِبُ " الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى " وَالْمُوَفَّقِ.
(وَلَوْ أَقْرَضَ) إنْسَانٌ (مَنْ لَهُ عَلَيْهِ بُرٌّ يَشْتَرِيهِ) ؛ أَيْ: الْبُرَّ بِمَا اقْتَرَضَهُ، (ثُمَّ يُوَفِّيهِ إيَّاهُ؛ جَازَ) الْعَقْدُ بِلَا كَرَاهَةٍ؛ (كَإِرْسَالِهِ نَفَقَةً لِعِيَالِهِ، فَأَقْرَضَهَا) ؛ أَيْ: النَّفَقَةَ (رَجُلًا لِيُوَفِّيَهَا لَهُمْ) ؛ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، إذَا لَمْ يَأْخُذْ عَلَيْهَا شَيْئًا زَائِدًا عَنْهَا، (وَكَقَرْضِهِ غَرِيمَهُ الْمُعْسِرَ أَلْفًا لِيُوَفِّيَهُ مِنْهُ) ؛ أَيْ: الْأَلْفِ (وَمِنْ دَيْنِهِ الْأَوَّلِ كُلَّ وَقْتٍ شَيْئًا) ؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ أَيْضًا بِلَا كَرَاهَةٍ.
(وَإِنْ فَعَلَ) مُقْتَرِضٌ (مَا) ؛ أَيْ: شَيْئًا (فِيهِ نَفْعٌ) ؛ بِأَنْ أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً، أَوْ عَمِلَ لَهُ عَمَلًا (قَبْلَ الْوَفَاءِ وَلَمْ يَنْوِ) مُقْرِضٌ (احْتِسَابَهُ مِنْ دَيْنِهِ، أَوْ) لَمْ يَنْوِ (مُكَافَأَتَهُ) عَلَيْهِ؛ (لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ جَرَتْ عَادَةٌ بَيْنَهُمَا) ؛ أَيْ: بَيْنَ الْمُقْرِضِ وَالْمُقْتَرِضِ (بِهِ) ؛ أَيْ: بِذَلِكَ الْفِعْلِ (قَبْلَ قَرْضٍ) ؛ لِحَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: «إذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ، فَأَهْدَى إلَيْهِ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ؛ فَلَا يَرْكَبْهَا، وَلَا يَقْبَلْهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَكَذَا الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ وَالشُّعَبِ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: " قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ، فَقَالَ لِي إنَّكَ بِأَرْضٍ فِيهَا الرِّبَا فَاشٍ، فَإِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ؛ فَلَا تَأْخُذْهُ؛ فَإِنَّهُ رِبًا " وَفِي مُسْنَدِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا» (وَكَذَا كُلُّ غَرِيمٍ) ؛ أَيْ: مَدِينٍ؛ حُكْمُهُ كَالْمُقْتَرِضِ فِيمَا تَقَدَّمَ (غَيْرُ اسْتِعْمَالِ رَهْنٍ وَيَأْتِي) أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الرَّهْنِ لِمَصْلَحَتِهِ؛ كَخَوْفٍ عَلَيْهِ مِنْ عُثٍّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute