الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُبَاعُ الْجِلْدُ وَالرَّأْسُ وَالسَّوَاقِطُ، وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَالْخُلَاصَةِ " وَالْمُنَوِّرِ " وَغَيْرِهِمْ انْتَهَى. وَفِي الشَّرْحِ بَعْدَ ذِكْرِهِ صِحَّةَ بَيْعِ الْجِلْدِ وَالرَّأْسِ وَالسَّوَاقِطِ قَالَ: لِأَنَّ الذَّبِيحَةَ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا مَا شَاءَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ. انْتَهَى. وَحَيْثُ تَقَرَّرَ صِحَّةُ بَيْعِ الْجِلْدِ؛ فَلَا رَيْبَ فِي صِحَّةِ رَهْنِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهِ. لَوْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ، يَضْمَنُهَا الرَّاهِنُ بَدَلَ ثَمَنِهِ لِلْفُقَرَاءِ
(وَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) ؛ كَحُرٍّ وَأُمِّ وَلَدٍ وَوَقْفٍ وَعَيْنٍ مَرْهُونَةٍ وَكَلْبٍ - وَلَوْ مُعَلَّمًا - وَآبِقٍ وَمَجْهُولٍ؛ (لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ، وَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ؛ (كَكِيسٍ بِمَا فِيهِ) ؛ فَلَا يَصِحُّ؛ لِلْجَهَالَةِ، وَكَذَا أَحَدُ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ، وَهَذَا الْبَيْتُ بِمَا فِيهِ (وَنَحْوِ أَرْضِ مِصْرَ) ؛ كَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ مِمَّا فُتِحَ عَنْوَةً، وَلَمْ يُقَسَّمْ؛ فَلَا يَصِحُّ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَفَهَا، وَأَقَرَّهَا بِأَيْدِي أَرْبَابِهَا بِالْخَرَاجِ (وَكَذَا حُكْمُ بِنَائِهَا) ؛ أَيْ: الْأَرْضِ إذَا كَانَتْ آلَتُهُ (مِنْهَا) ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَالْكَافِي " وَالْمُبْدِعِ " هُنَا، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ بَيْعَ الْمَسَاكِنِ مِنْ أَرْضِ الْعَنْوَةِ صَحِيحٌ، سَوَاءٌ كَانَتْ آلَتُهَا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَيَتَّجِهُ صِحَّتُهُ) ؛ أَيْ: صِحَّةُ رَهْنِ مَا بُنِيَ مِنْ مَسَاكِنِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ، سَوَاءٌ كَانَ الْبِنَاءُ مَوْجُودًا قَبْلَ الْفَتْحِ أَوْ أُحْدِثَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ اقْتَطَعُوا الْخُطَطَ فِي الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ فِي زَمَنِ عُمَرَ، وَبَنَوْهَا مَسَاكِنَ، وَتَبَايَعُوهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ؛ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute