بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ تَرْهَنُنِي بِهَا عَبْدَك هَذَا، فَيَقُولُ: اشْتَرَيْتُ وَرَهَنْت؛ فَيَصِحُّ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَعْقِدْهُ مَعَ الْحَقِّ؛ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إلْزَامِ الْمُشْتَرِي بِهِ بَعْدُ، (أَوْ بَعْدَهُ) ؛ أَيْ: الْحَقِّ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] ، فَجَعَلَهُ بَدَلًا عَنْ الْكِتَابَةِ، فَيَكُونُ فِي مَحِلِّهَا وَهُوَ بَعْدَ وُجُوبِ الْحَقِّ. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْلَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ تَابِعٌ لَهُ؛ كَالشَّهَادَةِ، فَلَا يَتَقَدَّمُهُ.
(وَ) الثَّالِثُ كَوْنُ رَاهِنٍ (مِمَّنْ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَتَبَرُّعُهُ) ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَصَرُّفٍ فِي الْمَالِ، فَلَمْ يَصِحَّ إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ؛ كَالْبَيْعِ، (وَلَوْ) كَانَ الرَّاهِنُ (غَيْرَ مَدِينٍ) لِلْمُرْتَهِنِ (فَيَصِحُّ رَهْنُ مَالِهِ عَلَى دَيْنِ غَيْرِهِ) - وَلَوْ (بِلَا إذْنِهِ) ؛ أَيْ: الْمَدِينِ أَوْ رِضَاهُ -[كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُضَمِّنَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَأَوْلَى] وَهُوَ نَظِيرُ إعَارَةِ الْمَدِينُ شَيْئًا يَرْهَنُهُ. صَرَّحَ بِجَوَازِهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
(وَ) الرَّابِعُ (كَوْنُهُ) ؛ أَيْ: الرَّهْنِ (مِلْكَهُ) ؛ أَيْ: الرَّاهِنِ، (وَلَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ) ؛ أَيْ: الْمِلْكِ، فَظَهَرَ أَنَّهُ مِلْكُهُ؛ صَحَّ؛ كَمَنْ رَهَنَ قِنَّ أَبِيهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ قَبْلَ الرَّهْنِ، وَانْتَقَلَ الْقِنُّ إلَيْهِ، (أَوْ كَوْنُهُ مَأْذُونًا لَهُ فِيهِ) ؛ أَيْ: الرَّهْنِ؛ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ أَوْ اسْتَعَارَ دَارًا مَثَلًا، وَأَذِنَ الْمُؤَجِّرُ أَوْ الْمُعِيرُ لَهُ بِرَهْنِهَا، فَرَهَنَهَا؛ صَحَّ؛ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِذْنِ تَعْيِينُ الدَّيْنِ، وَلَا وَصْفُهُ، وَلَا مَعْرِفَةُ رَبِّ الدَّيْنِ، (وَيَنْبَغِي) لِلْمَدِينِ (أَنْ يُذَكِّرَ الْآذِنَ) مِنْ نَحْوِ مُؤَجِّرٍ وَمُعِيرٍ (الْمُرْتَهَنَ) ، فَيَقُولُ: أُرِيدُ أَنْ أَرْهَنَهُ عِنْدَ زَيْدٍ مَثَلًا، (وَ) يَذْكُرُ لَهُ (قَدْرَ دَيْنٍ) يَرْهَنُهُ بِهِ، (وَ) يَذْكُرُ لَهُ (جِنْسَهُ) ؛ أَيْ: الدَّيْنِ؛ كَذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، (وَ) يَذْكُرُ لَهُ (مُدَّةَ رَهْنٍ) ؛ كَشَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ، (فَإِنْ شُرِطَ) فِي الْإِذْنِ (شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) ؛ أَيْ: شَرَطَ الْآذِنُ عَلَى الْمَدِينِ أَنْ لَا يَرْهَنَهُ إلَّا عِنْدَ زَيْدٍ مَثَلًا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى مُدَّةِ كَذَا، فَخَالَفَ الْمَدِينُ، (وَرَهَنَهُ بِغَيْرِهِ) ؛ أَيْ: غَيْرِ شَرْطِهِ؛ (لَمْ يَصِحَّ) الرَّهْنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ (لَكِنْ لَوْ رَهَنَهُ) ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute