للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوَرِثَ الْحَقَّ؛ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ لِلْمَيِّتِ، فَتُورَثُ عَنْهُ؛ كَسَائِرِ حُقُوقِهِ، وَكَذَا لَا يَبْرَأُ ضَامِنٌ وَكَفِيلٌ إنْ مَاتَ (مَدِينٌ) ، وَتَعَجَّلَ أَخْذُ الدَّيْنِ مِنْ تَرِكَتِهِ.

(وَإِنْ أَحَالَ رَبُّ دَيْنٍ عَلَى اثْنَيْنِ) مَدِينَيْنِ لَهُ (وَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِآخَرَ ثَالِثًا) - مَفْعُولُ أَحَالَ - (لِيَقْبِضَ) الْمُحْتَالُ الدَّيْنَ (مِنْهُمَا) جَمِيعًا، (أَوْ) يَقْبِضَ (مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ؛ صَحَّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ هُنَا فِي نَوْعٍ وَلَا أَجَلَ وَلَا عَدَدَ، وَإِنَّمَا هُوَ زِيَادَةُ اسْتِيثَاقٍ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنَ الْآخَرِ، وَأَحَالَهُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْحَقَّ مِنْ وَاحِدٍ؛ جَازَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ مِنْ اثْنَيْنِ، (وَكَذَا) لَوْ أَحَالَهُ أَنْ يَقْبِضَ (مِنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ) ؛ صَحَّ؛ لِاسْتِقْرَارِ الدَّيْنِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، (لَكِنْ مَنْ لَمْ يَحِلَّ عَلَيْهِ؛ فَالظَّاهِرُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الْمُحِيلِ) ؛ لِانْتِقَالِ حَقِّهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ اسْتِيفَاءٌ، وَيَنْتَقِلُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مِنْهُ، وَلَكِنْ لَا يُطَالَبُ الْآخَرُ حَتَّى يُؤَدِّيَ؛ كَمَا فِي ضَمَانِ الضَّامِنِ. قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيُّ، وَأَطَالَ، (وَاخْتَارَ) ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ (مَا اخْتَارَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْمَضْمُونِ يَصِيرُ لِلضَّامِنِ، لَكِنْ لَا يُطَالَبُ الْمَضْمُونُ حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَى الْمُحْتَالِ) عَلَى الْمَذْهَبِ. وَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ: أَنَّ لِلضَّامِنِ مُطَالَبَةَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ. فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ.

(وَيَصِحُّ إبْرَاؤُهُ الْمَضْمُونَ قَبْلَ أَدَاءِ) الدَّيْنِ، (لَا إبْرَاءُ مُحْتَالٍ لَهُ) ، وَإِنْ أَقَرَّ رَبُّ الدَّيْنِ بِهِ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الرَّهْنِ؛ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ بِغَيْرِ دَيْنٍ لَهُ، وَالْأَصَحُّ فِي الضَّمَانِ أَنَّهُ إنْ قَالَ: ضَمِنْت مَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَضْمُونَ لَهُ؛ فَالضَّمَانُ بَاقٍ، وَإِنْ عَيَّنَ الْمَضْمُونَ لَهُ بِالدَّيْنِ؛ لَمْ يَصِحَّ الضَّامِنُ. (انْتَهَى) مَا قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ (مُلَخَّصًا) . وَإِنْ أَحَالَ أَحَدُ اثْنَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ الْآخَرَ رَبَّ الدَّيْنِ بِهِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مَعًا؛ كَمَا لَوْ قَضَاهُ.

(وَإِنْ أُبْرِئَ أَحَدُهُمَا) ؛ أَيْ: أَبْرَأَهُ رَبُّ الدَّيْنِ (مِنْ الْكُلِّ) بَرِئَ مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>