غَرِمَ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهَذَا يُعْطِي أَنَّ أَحْمَدَ جَعَلَ ضَمَانَ مَعْرِفَتِهِ تَوْثِقَةً لِمَنْ لَهُ الْمَالُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: ضَمِنْتُ لَكَ حُضُورَهُ مَتَى حَضَرْتَ كَأَنَّكَ أَنْتَ لَا تَعْرِفُهُ وَلَا يُمْكِنُكَ إحْضَارُ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ فَأَنَا أَعْرِفُهُ فَأُحْضِرُهُ لَكَ مَتَى أَرَدْتَ فَصَارَ كَقَوْلِهِ تَكَفَّلْتُ بِبَدَنِهِ. انْتَهَى.
فَطَالَبَ ضَامِنَ الْمَعْرِفَةِ بِإِحْضَارِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ مَعَ حَيَاتِهِ؛ لَزِمَهُ لِمَنْ ضَمِنَ مَعْرِفَتَهُ لَهُ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى فَإِنْ قِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أُخِذَ بِهِ؛ أَيْ: بِدَلِّ رَبِّ الدَّيْنِ عَلَى اسْمِهِ وَمَكَانِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ.
الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَقَالَ الْإِمَامُ أُمِرَ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ، أَوْ قَالَ أُخِذَ بِمَعْرِفَتِهِ، وَقَالَ كُلِّفَ تَعْرِيفَهُ، وَفِي قَوْلِهِ أُخِذَ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ.
الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَاسْتَغْنَى رَبُّ الدَّيْنِ؛ بِسُؤَالِهِ عَنْ نِسْبَةِ الْمُسْتَدِينِ وَمَكَانِهِ وَإِنْ ارْتَابَ فِي صِحَّةِ قَوْلِهِ حَصَلَ زَوَالُ الرِّيبَةِ بِصِدْقِهِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ مَعْرِفَتِهِ.
الثَّالِثُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ضَمَانِ الْمَعْرِفَةِ التَّوَثُّقُ، فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يُنْسَبَ لَهُ أَوْ يُذْكَرَ لَهُ أَنَّهُ سَاكِنٌ بِمَحَلَّةِ كَذَا، وَلَوْ مَعَ غَنَائِهِ، مَعَ غَيْبَتِهِ وَغَيْبَةِ مَالِهِ الرَّاجِحُ أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ ضَمِنَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ قَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَالتَّعْرِيفُ قَادِرٌ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ طُلِبَ مِنْهُ، إمَّا بِلَفْظِهِ أَوْ بِكِتَابَتِهِ، أَوْ إشَارَتِهِ إنْ عَرَضَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ التَّلَفُّظِ انْتَهَى.
(فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ) مَنْ هُوَ وَأَيْنَ هُوَ؛ (ضَمِنَ) مَا عَلَيْهِ، وَإِنْ عَرَّفَهُ ذَلِكَ؛ فَلَيْسَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute