إحْدَى شَيْئَيْنِ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ بَذَلُوا لِلَّذِي وَجَبَ لَهُ الْقِصَاصُ عَلَى هُدْبَةَ بْنِ خَشْرَمٍ سَبْعَ دِيَاتٍ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، وَلِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ، فَلَمْ يَقَعْ الْعِوَضُ فِي مُقَابَلَتِهِ.
وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَمَّا تَقَدَّمَ (مَهْرًا) فِي نِكَاحٍ مِنْ عِوَضٍ أَوْ نَقْدٍ، قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ (بِمَا يَثْبُتُ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ إسْقَاطُهُ.
وَ (لَا) يَصِحُّ الصُّلْحُ (بِعِوَضٍ عَنْ خِيَارٍ) فِي بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ (أَوْ) عَنْ (شُفْعَةٍ أَوْ) عَنْ (حَدِّ قَذْفٍ) وَلِأَنَّهَا لَمَا تَشْرَعُ لِاسْتِفَادَةِ مَالٍ، بَلْ الْخِيَارُ لِلنَّظَرِ فِي الْأَحُظِّ، وَالشُّفْعَةِ لِإِزَالَةِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ، وَحَدُّ الْقَذْفِ لِلزَّجْرِ عَنْ الْوُقُوعِ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ، (وَتَسْقُطُ جَمِيعًا) أَيْ: الْخِيَارُ وَالشُّفْعَةُ وَحَدُّ الْقَذْفِ بِالصُّلْحِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِتَرْكِهَا.
(وَلَا) يَصِحُّ أَنْ يُصَالِحَ (سَارِقًا أَوْ شَارِبًا لِيُطْلِقَهُ) وَلَا يَرْفَعُهُ لِلسُّلْطَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَخْذُ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَتِهِ، (أَوْ يُصَالِحَ شَاهِدًا لِيَكْتُمَ شَهَادَتَهُ) ؛ لِتَحْرِيمِ كِتْمَانِهَا، فَلَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ، (أَوْ) يُصَالِحَهُ عَلَى أَنْ (لَا يَشْهَدَ) عَلَيْهِ (بِزُورٍ) ، فَهُوَ حَرَامٌ؛ كَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ لَا يَقْتُلَهُ، أَوْ يَغْصِبَهُ مَالَهُ، أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ يَلْزَمُهُ الشَّهَادَةُ بِهِ كَدَيْنِ آدَمِيٍّ أَوْ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ كَالزَّكَاةِ، أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا كَزِنًا وَسَرِقَةٍ، فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ فِي الْكَدِّ.
(وَمَنْ صَالَحَ) آخَرَ (عَنْ نَحْوِ دَارٍ) ؛ كَكِتَابٍ أَوْ حَيَوَانٍ (بِعِوَضٍ مُعَيَّنٍ، فَبَانَ) الْعِوَضُ (مُسْتَحَقًّا) لِغَيْرِ الْمُصَالِحِ، أَوْ بَانَ الْقِنُّ حُرًّا؛ (رَجَعَ بِالدَّارِ) الْمُصَالَحِ عَنْهَا إنْ بَقِيَتْ، (أَوْ) رَجَعَ (بِقِيمَتِهَا) ؛ أَيْ: الدَّارِ وَنَحْوِهَا حَيْثُ كَانَتْ (تَالِفَةً) إنْ كَانَ الصُّلْحُ (مَعَ إقْرَارِ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ حَقِيقَةً - وَقَدْ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ لِفَسَادِ عِوَضِهِ - فَرَجَعَ فِيمَا كَانَ لَهُ، (وَ) رَجَعَ بِالدَّعْوَى؛ أَيْ: إلَى دَعْوَاهُ قَبْلَ الصُّلْحِ (مَعَ إنْكَارٍ) ، لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِهِ، (وَ) رَجَعَ الْمُصَالِحُ (عَنْ قَوْدٍ) مِنْ نَفْسٍ أَوْ دُونِهَا بِعِوَضٍ بَانَ مُسْتَحَقًّا (بِقِيمَةِ عِوَضٍ) مُصَالَحٍ بِهِ؛ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ مَا جُعِلَ عِوَضًا عَنْهُ، وَكَذَا لَوْ صَالَحَ عَنْهُ بِقِنٍّ، فَخَرَجَ حُرًّا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute