ذَا مَالٍ - لِأَنَّ مَالَهُ مُسْتَحِقُّ الصَّرْفِ فِي جِهَةِ دَيْنِهِ، فَكَأَنَّهُ مَعْدُومٌ، أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يُؤَوَّلُ مِنْ عَدَمِ مَالِهِ بَعْدَ وَفَاءِ دَيْنِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ إلَّا الشَّيْءَ التَّافِهَ الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا بِهِ كَالْفُلُوسِ وَنَحْوِهَا.
(وَالْحَجْرُ) الَّذِي يَمْنَعُ الْإِنْسَانَ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهٍ (ضَرْبَانِ) : أَحَدُهُمَا: (لِحَقِّ الْغَيْرِ) ؛ أَيْ: غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ؛ كَالْحَجْرِ (عَلَى مُفْلِسٍ) لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ، (وَعَلَى رَاهِنٍ) لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ بَعْدَ لُزُومِهِ، (وَ) عَلَى (مَرِيضِ) مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ، (وَ) عَلَى (قِنٍّ وَمُكَاتَبٍ) لِحَقِّ سَيِّدِهِ، (وَ) عَلَى (مُرْتَدٍّ) لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ تَرِكَتَهُ فَيْءٌ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ لِئَلَّا يُفَوِّتَهُ عَلَيْهِمْ، (وَ) عَلَى (مُشْتَرٍ) فِي شِقْصٍ مَشْفُوعٍ اشْتَرَاهُ (بَعْدَ طَلَبِ شَفِيعٍ) لَهُ لِحَقِّ الشَّفِيعِ، (أَوْ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ) ؛ أَيْ: تَسْلِيمِ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِيَ (الْمَبِيعَ) بِثَمَنٍ حَالٍّ إذَا امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَدَاءِ الثَّمَنَ، (وَمَالُهُ بِالْبَلَدِ) أَوْ بِمَكَانٍ (قَرِيبٍ مِنْهُ) ، فَيُحْجَرُ عَلَى مُشْتَرٍ فِي كُلِّ مَالِهِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ لِحَقِّ الْبَائِعِ. وَتَقَدَّمَ.
الضَّرْبُ (الثَّانِي) الْحَجْرُ عَلَى الشِّقْصِ (لِحَظِّ نَفْسِهِ) ؛ كَالْحَجْرِ (عَلَى صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ) ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ عَائِدَةٌ إلَيْهِمْ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِمْ عَامٌّ فِي أَمْوَالِهِمْ وَذِمَمِهِمْ، (وَلَا يُطَالَبُ) مَدِينٌ بِدَيْنٍ لَمْ يَحِلَّ، (وَلَا يُحْجَرُ) عَلَيْهِ (بِدَيْنٍ لَمْ يَحِلَّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ قَبْلَ حُلُولِهِ - (وَلَوْ الْتَزَمَ تَعْجِيلَهُ) - لِأَنَّ الْتِزَامَهُ تَعْجِيلَ ذَلِكَ وَعْدٌ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ.
(وَلِغَرِيمٍ مِنْ) أَيْ: مَدِينٍ وَظَاهِرُهُ - وَلَوْ ضَامِنًا - (أَرَادَ سَفَرًا طَوِيلًا) فَوْقَ مَسَافَةِ قَصْرٍ عِنْدَ الْمُوَفَّقِ وَابْنِ أَخِيهِ وَجَمَاعَةٍ قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " وَلَعَلَّهُ أَوْلَى؛ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِهِ فِي " التَّنْقِيحِ " " وَالْمُنْتَهَى " وَغَيْرِهِمَا، فَمُقْتَضَاهُ الْعُمُومُ - (وَلَوْ) كَانَ السَّفَرُ الطَّوِيلُ (حَجًّا وَاجِبًا) - لَتَقَدَّمَ أَدَاءُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ، (سِوَى سَفَرِ جِهَادٍ مُتَعَيِّنٍ) ؛ لِاسْتِنْفَارِ الْإِمَامِ لَهُ وَنَحْوِهِ، فَلَا يُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ لَهُ.
وَالْفَرْقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute