(وَقَرَعَ إنْ بَاعَهَا) ؛ أَيْ بَاعَ السِّلْعَةَ الْمُفْلِسُ، (ثُمَّ اشْتَرَاهَا) مِنْ مُشْتَرٍ مِنْهُ أَوْ غَيْرِهِ (بَيْنَ الْبَائِعَيْنِ) فَمَنْ قَرَعَ الْآخَرَ كَانَ أَحَقَّ بِهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَدْرَكَ مَتَاعَهُ عِنْدَ مَنْ أَفْلَسَ - وَلَا مُرَجِّحَ - فَاحْتِيجَ إلَى تَمْيِيزِهِ بِالْقُرْعَةِ، وَلَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى سُقُوطِ حَقِّهِمَا مِنْ الرُّجُوعِ فِيهَا، فَلَا يُقَالُ كُلٌّ مِنْ الْبَائِعَيْنِ تَعَلَّقَ اسْتِحْقَاقُهُ بِهَا، بَلْ يُقَالُ أَحَدُهُمَا أَحَقُّ بِأَخْذِهَا لَا بِعَيْنِهِ، فَيُمَيِّزُ بِقُرْعَةٍ وَالْمَقْرُوعُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَمَنْ قُلْنَا إنَّهُ أَحَقُّ بِمَتَاعِهِ الَّذِي أَدْرَكَهُ لَهُ [تَرْكَهُ] وَالضَّرْبُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَإِذَا تَرَكَ أَحَدُ الْبَائِعَيْنِ فِيمَا سَبَقَ تَمْثِيلُهُ تَعَيَّنَ الْآخَرُ وَلَا يُحْتَاجُ لِقُرْعَةٍ.
(وَشُرِطَ) لِرُجُوعِ مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَهُ سِتَّةُ شُرُوطٍ، شَرْطٌ فِي الْمُفْلِسِ وَالْبَائِعِ، وَشَرْطٌ فِي الْعِوَضِ، وَأَرْبَعَةٌ فِي الْعَيْنِ، وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (كَوْنُ) كُلٍّ مِنْ (مُفْلِسٍ وَبَائِعٍ حَيًّا) إلَى أَخْذِهَا. جَزَمَ فِي " التَّرْغِيبِ " وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى " أَنَّ لِلْبَائِعِ أَخْذُهَا دُونَ وَرَثَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَالَ فِي " التَّلْخِيصِ ": مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ حَيًّا؛ إذْ لَا رُجُوعَ لِلْوَرَثَةِ، وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُفْلِسُ حَيًّا (إلَى أَخْذِهَا) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ؛ لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ، وَلَمْ يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا، فَوَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ؛ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ» . رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُد مُسْنَدًا، وَقَالَ: حَدِيثُ مَالِكٍ أَصَحُّ، وَلِأَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ مِنْ الْمُفْلِسِ إلَى الْوَرَثَةِ أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَهُ. (وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي: (بَقَاءُ كُلِّ عِوَضِهَا) ؛ أَيْ: الْعَيْنِ (فِي ذِمَّتِهِ) ؛ أَيْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute