(وَمَنْ بَلَغَ) مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَخُنْثَى (رَشِيدًا) انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ، (أَوْ) بَلَغَ (مَجْنُونًا، أَوْ) بَلَغَ (سَفِيهًا، ثُمَّ عَقَلَ؛ انْفَكَّ حَجْرُهُ) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: ٦] الْآيَةَ، وَلِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ إنَّمَا كَانَ لِعَجْزِهِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ حِفْظًا لَهُ - وَقَدْ زَالَ - فَيَزُولَ الْحَجْرُ لِزَوَالِ عِلَّتِهِ، (بِلَا حُكْمٍ) بِفَكِّهِ، وَسَوَاءٌ رَشَّدَهُ الْوَلِيُّ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ فَيَزُولُ بِدُونِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] وَاشْتِرَاطُ الْحُكْمِ زِيَادَةٌ تَمْنَعُ الدَّفْعَ عِنْدَ وُجُودِ ذَلِكَ، وَهُوَ خِلَافُ النَّصِّ، (وَأُعْطِيَ) مَنْ انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ (مَالَهُ) لِلْآيَةِ (وَسُنَّ) إعْطَاؤُهُ مَالَهُ (بِإِذْنِ قَاضٍ وَ) إشْهَادِ (بَيِّنَةٍ) بِرُشْدٍ وَدُفِعَ لِيَأْمَنَ التَّبِعَةَ، وَ (لَا) يُعْطَى مَالُهُ (قَبْلَ ذَلِكَ بِحَالٍ - وَلَوْ صَارَ شَيْخًا -) رَوَى الْجُوزَجَانِيُّ فِي " الْمُتَرْجَمِ " قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَلِي أَمْرَ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ ذِي أَهْلٍ وَمَالٍ لِضَعْفِ عَقْلِهِ.
(وَ) يَحْصُلُ (بُلُوغُ ذَكَرٍ بِإِمْنَاءٍ) بِاحْتِلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} [النور: ٥٩] (أَوْ تَمَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً) ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ - وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً - فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ - وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً - فَأَجَازَنِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: فَلَمْ يُجِزْنِي، وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ، (أَوْ نَبَاتِ شَعْرٍ خَشِنٍ) ؛ أَيْ: يَسْتَحِقُّ أَخْذُهُ بِالْمُوسَى، لَا زَغَبٍ ضَعِيفٍ (حَوْلَ قُبُلِهِ) ؛ «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا حَكَمَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ حَكَمَ بِأَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، وَحَكَمَ بِأَنْ يُكْشَفَ عَنْ مُؤْتَزِرِيهِمْ فَمَنْ أَنْبَتَ فَهُوَ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، وَمَنْ لَمْ يُنْبَتْ أَلْحَقُوهُ بِالذَّرَارِيِّ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَقَدْ حَكَمَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْفِعَةٍ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَ) بُلُوغُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute