لِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا فَقَدْ أَمْنَى؛ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ حَاضَتْ، وَيَأْتِي حُكْمُ إشْكَالِهِ وَمَا يَزُولُ بِهِ فِي مِيرَاثِهِ.
(وَلَا اعْتِبَارَ) ؛ أَيْ: لَا يَحْصُلُ بُلُوغٌ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ (بِغِلَظِ صَوْتٍ وَفَرْقِ أَنْفٍ وَنُهُودِ ثَدْيٍ وَشَعْرِ إبِطٍ وَ) شَعْرِ (لِحْيَةٍ) وَغَيْرِهَا (وَالرُّشْدُ إصْلَاحُ الْمَالِ، لَا) إصْلَاحُ (الدِّينِ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي صَلَاحًا فِي أَمْوَالِهِمْ.
وَلِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ، وَمَنْ كَانَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ؛ فَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ شَرْطُهُ. وَالْعَدَالَةُ لَا تُعْتَبَرُ فِي الرُّشْدِ دَوَامًا، فَلَا تُعْتَبَرُ فِي الِابْتِدَاءِ؛ كَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، فَعَلَى هَذَا يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالُهُ وَإِنْ كَانَ مُفْسِدًا لِدِينِهِ؛ كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَمَنَعَ الزَّكَاةَ وَنَحْوِهِ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: الْفَاسِقُ غَيْرُ رَشِيدٍ، مُنْتَقَضٌ بِالْكَافِرِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ رَشِيدٍ فِي دِينِهِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ.
(وَلَا يُعْطَى) مَنْ بَلَغَ رَشِيدًا ظَاهِرًا (مَالَهُ حَتَّى يُخْتَبَرَ بِمَا يَأْتِي) قَرِيبًا (وَمَحَلُّهُ) ؛ أَيْ: الِاخْتِبَارِ (قَبْلَ بُلُوغٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: ٦] .
الْآيَةَ وَالدَّلِيلُ مِنْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ الْيَتَامَى وَلَا يَكُونُونَ يَتَامَى إلَّا قَبْلَ الْبُلُوغِ. الثَّانِي أَنَّهُ مُدَّةُ اخْتِبَارِهِمْ إلَى الْبُلُوغِ بِلَفْظِ حَتَّى، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاخْتِبَارَ قَبْلَهُ.
وَتَأْخِيرُ الِاخْتِبَارِ إلَى الْبُلُوغِ يُؤَدِّي إلَى الْحَجْرِ عَلَى الْبَالِغِ الرَّشِيدِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ يَمْتَدُّ إلَى أَنْ يُخْتَبَرَ، وَيُعْلَمَ رُشْدُهُ، وَلَا يُخْتَبَرُ إلَّا مَنْ يَعْرِفُ الْمَصْلَحَةَ مِنْ الْمَفْسَدَةِ، وَتَصَرُّفُهُ حَالَ الِاخْتِبَارِ صَحِيحٌ بِتَصَرُّفٍ (لَائِقٍ بِهِ) - مُتَعَلِّقٌ بِيُخْتَبَرُ - (وَ) حَتَّى (يُؤْنَسَ رُشْدُهُ) ؛ أَيْ: يُعْلَمَ، يَخْتَلِفُ الْإِينَاسُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ.
(وَعُقُودُ) يَتِيمٍ حَالَ (الِاخْتِبَارِ صَحِيحَةٌ) ؛ لِلْآيَةِ، وَيَخْتَلِفُ الرُّشْدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute