وَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِي عِبَادَةٍ (بَدَنِيَّةٍ مَحْضَةٍ) لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ؛ (كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ) ؛ لِتَعَلُّقِهِمَا بِبَدَنِ مَنْ هُمَا عَلَيْهِ، وَالصَّوْمُ الْمَنْذُورُ يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ أَدَاءً لِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِهِ.
(وَلَيْسَ فِعْلُهُ) ؛ أَيْ: الصَّوْمِ (عَنْ مَيِّتٍ بِوَكَالَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَسْتَنِيبُ الْوَلِيَّ، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ الشَّرْعُ بِهِ إبْرَاءً لِذِمَّةِ الْمَيِّتِ.
(وَطَهَارَةٍ مِنْ حَدَثٍ وَاعْتِكَافٍ) وَغُسْلِ جُمُعَةٍ وَتَجْدِيدِ وُضُوءٍ؛ لِأَنَّ الثَّوَابَ عَلَيْهِ لِأَمْرٍ يَخْتَصُّ الْمُعْتَكِفُ بِهِ، وَهُوَ لُبْثُ ذَاتِهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ، وَتَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِي تَطْهِيرِ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَيَصِحُّ أَيْضًا أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ؛ وَيَسْتَنِيبُ مَنْ يَصُبُّ لَهُ الْمَاءَ، وَيَغْسِلُ لَهُ أَعْضَاءَهُ. وَتَقَدَّمَ.
(وَلَا) تَصِحُّ الْوَكَالَةُ (فِي ظِهَارٍ) ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ مُنْكَرٌ وَزُورٌ، أَشْبَهَ بَقِيَّةَ الْمَعَاصِي (وَ) لَا فِي (لِعَانٍ وَإِيلَاءٍ وَنَذْرٍ وَقَسَامَةٍ) لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْحَالِفِ وَالنَّاذِرِ، فَلَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ، كَبَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ، (وَ) لَا فِي (قَسَمٍ لِزَوْجَاتٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ، وَلَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ، (وَ) لَا فِي (شَهَادَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الشَّاهِدِ؛ لِكَوْنِهَا خَبَرًا عَمَّا رَآهُ أَوْ سَمِعَهُ؛ وَلَا يَتَحَقَّقُ هَذَا الْمَعْنَى فِي نَائِبِهِ، فَإِنْ اسْتَنَابَ فِيهَا؛ كَانَ النَّائِبُ شَاهِدًا عَلَى شَهَادَتِهِ؛ لِكَوْنِهِ يُؤَدِّي مَا سَمِعَهُ مِنْ شَاهِدِ الْأَصْلِ، وَلَيْسَ بِوَكِيلٍ، (وَلَا فِي الْتِقَاطٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ الِائْتِمَانُ، وَالْمُلْتَقِطُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْآمِرِ، (وَلَا فِي اغْتِنَامٍ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالْحُضُورِ، فَلَا يَمْلِكُ غَائِبٌ الْمُطَالَبَةَ بِهِ؛ (وَ) لَا فِي (جِزْيَةٍ) ؛ لِفَوَاتِ الصِّغَارِ عَمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ، (وَ) لَا فِي (مَعْصِيَةٍ) مِنْ زِنًا وَغَيْرِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] ، (وَ) لَا فِي (رَضَاعٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْمُرْضَعَةِ؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا يُنْبِتُ لَحْمَ الرَّضِيعِ وَيُنْشِزُ عَظْمَهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُقُوقَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ نَوْعٌ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِيهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute