الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ": وَيَجُوزُ لِمَنْ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ أَحْمَدَ أَنْ يُقَلِّدَ الْقَضَاءَ مَنْ يُقَلِّدُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَجْتَهِدَ رَأْيَهُ فِي قَضَائِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُقَلِّدَ فِي النَّوَازِلِ وَالْأَحْكَامِ مَنْ اعْتَزَى إلَى مَذْهَبِهِ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: هَذَا فِي وِلَايَةِ الْمُجْتَهِدِينَ، أَمَّا الْمُقَلِّدِينَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ الْإِمَامُ لِيَحْكُمُوا بِمَذْهَبٍ، فَوِلَايَتُهُمْ خَاصَّةٌ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يُوَلُّوا مَنْ لَيْسَ مِنْ مَذْهَبِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَوَّضْ إلَيْهِمْ ذَلِكَ، أَمَّا أَوْ فُوِّضَ إلَيْهِمْ فَلَا تَرَدُّدَ فِي جَوَازِهِ؛ كَمَا كَانَ أَوَّلًا يُوَلِّي الْإِمَامُ الْقَضَاءَ قَاضِيًا وَاحِدًا يُوَلِّي فِي جَمِيعِ الْأَقَالِيمِ وَالْبُلْدَانِ، فَهَذَا وِلَايَتُهُ عَامَّةٌ يَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَ مِنْ مَذْهَبِهِ وَمِنْ غَيْرِهِ؛ كَالْإِمَامِ نَفْسِهِ إذَا كَانَ مُقَلِّدًا لِإِمَامٍ لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يُوَلِّيَ الْقَضَاءَ مَنْ يُقَلِّدُ غَيْرَ أَمَامِهِ؛ لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ.
وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ بِنَائِبٍ لِلْإِمَامِ، بَلْ هُوَ نَاظِرٌ لِلْمُسْلِمِينَ، لَا عَنْ وِلَايَةٍ: ولِهَذَا لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ؛ أَيْ: الْإِمَامِ وَلَا بِعَزْلِهِ، فَيَكُونُ بِحُكْمِهِ فِي وِلَايَتِهِ حُكْمُ الْإِمَامِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ، وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ يَضِيقُ عَلَيْهِ تَوَلِّي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ بِنَفْسِهِ، وَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى تَعْطِيلِ مَصَالِحِ النَّاسِ الْعَامَّةِ، فَأَشْبَهَ مَنْ وُكِّلَ فِيمَا لَا يُمْكِنُهُ مُبَاشَرَتُهُ لِكَثْرَتِهِ انْتَهَى. وَأُلْحِقَ بِالْحَاكِمِ أَمِينُهُ فِي " الرِّعَايَتَيْنِ " وَ " الْحَاوِيَيْنِ ".
(وَ) إنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ: (وَكِّلْ عَنْك) ، فَبَاشَرَ مَا وُكِّلَ بِهِ، أَوْ لَمْ يُبَاشِرْ، (أَوْ احْتَاجَ) لِمُعِينٍ؛ صَحَّ ذَلِكَ، وَكَانَ الثَّانِي. (وَكِيلٌ، فَلَهُ عَزْلُهُ) فَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ.
(وَتَبْطُلُ) الْوَكَالَةُ (بِمَوْتِهِ) ؛ أَيْ: الْوَكِيلِ.
(وَ) إنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: وَكِّلْ عَنِّي، أَوْ قَالَ: وَكِّلْ، و (يُطْلِقُ) ؛ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ عَنْك وَلَا عَنِّي؛ صَحَّ، وَكَانَ الثَّانِي (وَكِيلَ مُوَكِّلِهِ) لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ لَهُ وَلَا بِمَوْتِهِ؛
وَلَوْ قَالَ الشَّخْصُ: وَكِّلْ فُلَانًا عَنِّي فِي بَيْعِ كَذَا، فَقَالَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي: بِعْ هَذَا وَلَمْ يُشْعِرْهُ أَنَّهُ وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ، فَقَالَ الشَّيْخُ: لَا يَحْتَاجُ إلَى تَبْيِينٍ؛ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute