(مَا لَمْ يَكْذِبْ عَلَيْهِ) - أَيْ عَلَى الْمَدِينِ - (وَكِيلٌ فِي الْإِذْنِ) بِأَنْ يُخْبِرَ الرَّسُولُ الْمَدِينَ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ أَذِنَهُ (بِالْمُصَارَفَةِ) ، فَإِنْ أَخْبَرَهُ كَذَلِكَ؛ (فَعَلَيْهِ) ؛ أَيْ: الرَّسُولِ، ضَمَانُ مَا تَلِفَ؛ لِأَنَّهُ غَرَّ الْمَدِينَ.
(وَمَنْ وُكِّلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ - (فِي قَبْضِ دِينَارٍ أَوْ ثَوْبٍ) مِمَّنْ عِنْدَهُ لِمُوَكِّلِهِ دَنَانِيرُ وَثِيَابٌ، (فَأَخَذَ) الْوَكِيلُ (أَكْثَرَ) كَدِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ، فَضَاعَ الْمَأْخُوذُ؛ فَضَمَانُ الدِّينَارِ أَوْ الثَّوْبِ الزَّائِدِ (عَلَى دَافِعِ) أَيْ الَّذِي أَعْطَاهُ الدِّينَارَيْنِ أَوْ الثَّوْبَيْنِ - (وَيَرْجِعُ) الدَّافِعُ بِالزَّائِدِ (عَلَى) الرَّسُولِ (الْقَابِضِ) لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ، وَحَصَلَ التَّلَفُ فِي يَدِهِ، فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَلِلْمُوَكِّلِ تَضْمِينُ الْوَكِيلِ الْقَابِضِ؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِقَبْضِ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِقَبْضِهِ، فَإِذَا ضَمَّنَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ؛ لِحُصُولِ التَّلَفِ فِي يَدِهِ، فَاسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ.
قَالَ فِي الْمُغْنِي " وَفِي " الْمُنْتَهَى ": وَمَنْ أَرْسَلَ آخَرَ إلَى مَنْ لَهُ عِنْدَهُ مَالٌ لِأَخْذِ دِينَارٍ فَأَخَذَ أَكْثَرَ؛ ضَمَّنَهُ مُرْسِلٌ، وَرَجَعَ بِهِ عَلَى رَسُولٍ، وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُشِيرَ إلَى خِلَافِهِ. (وَإِنْ أَخَذَ وَكِيلٌ فِي قَبْضِ دِينَارٍ هُنَا أَسَاءَ) بِأَخْذِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ، (وَلَمْ يَضْمَنْهُ) . - أَيْ الرَّهْنَ - لِأَنَّهُ رَهْنٌ فَاسِدٌ، وَفَاسِدُ الْعُقُودِ كَصَحِيحِهَا فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، فَمَا كَانَ الْقَبْضُ فِي صَحِيحِهِ كَانَ غَيْرَ مَضْمُونٍ فِي فَاسِدِهِ.
(وَمَنْ وَكَّلَ) غَيْرَهُ - (وَلَوْ) كَانَ الْوَكِيلُ (مُودَعًا - فِي قَضَاءِ دَيْنٍ، فَقَضَاهُ) ، وَلَمْ يُشْهِدْ، (أَوْ) وَكَّلَهُ أَنْ يُقْرِضَ دَرَاهِمَ، (فَأَقْرَضَ، وَلَمْ يُشْهِدْ) بِالْقَضَاءِ أَوْ الْقَرْضِ، (وَأَنْكَرَ غَرِيمٌ) الْقَضَاءَ، أَوْ مُقْتَرِضٌ الِاقْتِرَاضَ؛ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ وَكِيلٍ عَلَى الْغَرِيمِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَمِينِهِ، فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَيْهِ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ؛ كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ الْمُوَكِّلُ.
وَ (ضَمِنَ) الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ مَا أَنْكَرَهُ الْغَرِيمُ؛ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا إنَّمَا يَضْمَنُ (مَا لَيْسَ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلٍ) ، فَإِنْ حَضَرَ مَعَ تَرْكِ الْإِشْهَادِ فَقَدْ رَضِيَ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ، كَقَوْلِهِ: اقْضِهِ وَلَا تُشْهِدْ، بِخِلَافِ حَالِ غَيْبَتِهِ. لَا يُقَالُ هُوَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِشْهَادِ، فَلَا يَكُونُ مُفَرِّطًا بِتَرْكِهِ؛ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute