النَّفَقَةُ لِلْعَامِلِ، (فَادَّعَى أَنَّهُ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ) الْمُخْتَصِّ بِهِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ؛ (قُبِلَ) قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، (وَرَجَعَ بِهِ) - أَيْ: بِمَا أَنْفَقَهُ - (وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ (بَعْدَ رُجُوعِ الْمَالِ) - أَيْ: مَالِ الْمُضَارَبَةِ - (لِرَبِّهِ) وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا.
(وَلَا رِبْحَ لِعَامِلٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رَأْسَ الْمَالِ) . قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ هُوَ الْفَاضِلُ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَمَا لَمْ يَفْضُلْ فَلَيْسَ بِرِبْحٍ، (فَإِنْ رَبِحَ فِي إحْدَى سِلْعَتَيْنِ) وَخَسِرَ فِي الْأُخْرَى؛ (أَوْ) رَبِحَ فِي إحْدَى (سَفْرَتَيْنِ، وَخَسِرَ فِي الْأُخْرَى، أَوْ تَعَيَّبَتْ) سِلْعَةٌ، وَزَادَتْ أُخْرَى، (أَوْ نَزَلَ السِّعْرُ، أَوْ تَلِفَ) بَعْضُ الْمَالِ (بَعْدَ عَمَلِ) عَامِلٍ فِي الْمُضَارَبَةِ؛ (فَالْوَضِيعَةُ) فِي بَعْضِ الْمَالِ تُجْبَرُ (مِنْ رِبْحِ بَاقِيهِ) - أَيْ: الْمَالِ - (إنْ كَانَتْ) الْوَضِيعَةُ (قَبْلَ قَسْمِهِ) - أَيْ: الرِّبْحِ - (نَضًّا) - أَيْ: نَقْدًا - (وَلَوْ) كَانَ تنضيض الْمَالِ (بِمُحَاسَبَةٍ) جَرَتْ بَيْنَهُمَا (أُجْرِيَ لَهَا) - أَيْ: الْمُحَاسَبَةِ - (مُجْرَى الْقِسْمَةِ) نَصًّا.
(قِيلَ) لِلْإِمَامِ (أَحْمَدَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (فَيَحْتَسِبَانِ) ؟ - أَيْ: رَبُّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ - (عَلَى الْمَتَاعِ) قَبْلَ تَنْضِيضِهِ (فَقَالَ: لَا يَحْتَسِبَانِ إلَّا عَلَى النَّاضِّ؛ لِأَنَّ الْمَتَاعَ قَدْ يَنْحَطُّ سِعْرُهُ وَ) قَدْ (يَرْتَفِعُ) ، فَإِنْ تَقَاسَمَا الرِّبْحَ وَالْمَالُ نَاضٌّ، أَوْ تَحَاسَبَا بَعْدَ تَنْضِيضِ الْمَالِ، وَأَبْقَيَا الْمُضَارَبَةَ؛ فَهِيَ مُضَارَبَةٌ ثَانِيَةٌ، فَمَا رَبِحَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَجْبُرُ بِهِ وَضِيعَةَ الْأَوَّلِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ إجْرَاءِ الْمُحَاسَبَةِ مَجْرَى الْقِسْمَةِ، وَالتَّنْضِيضُ: أَنْ يَصِيرَ الْمَالُ كَمَا أَخَذَهُ الْعَامِلُ، فَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ فِضَّةً يَصِيرُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَهَبًا يَصِيرُ كَذَلِكَ.
(وَيَمْلِكُ عَامِلٌ حِصَّةً مِنْ رِبْحٍ) بِمُجَرَّدِ ظُهُورٍ (قَبْلَ قِسْمَةٍ؛ كَمَالِكِ) الْمَالِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. [قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ قَوْلًا وَاحِدًا. قَالَ فِي " الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ "] : و (لَا) يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ (الْأَخْذَ مِنْهُ) - أَيْ: الرِّبْحِ - (إلَّا بِإِذْنِ) رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ مُشَاعٌ، فَلَا يُقَاسِمُ نَفْسَهُ، وَلِأَنَّ مِلْكَهُ لَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، وَإِنْ شَرَطَا أَنْ لَا يَمْلِكَهُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ؛ لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute