شُرُوعٍ فِي عَمَلٍ (أَجْرُ عَمَلِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي الْعِوَضَ الْمُسَمَّى، وَلَمْ يَرْضَ الْعَامِلُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ وَالْجُنُونَ وَالْحَجْرَ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَلِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ هُوَ الَّذِي مَنَعَهُ مِنْ إتْمَامِ الْعَمَلِ بِفَسْخِهِ، فَإِذَا تَعَذَّرَ الْمُسَمَّى رَجَعَ إلَى أَجْرِ الْمِثْلِ، وَفَارَقَ رَبَّ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ إذَا فَسَخَهَا قَبْلَ ظُهُورٍ رِبْحٍ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ هُنَا مُفْضٍ إلَى ظُهُورِ الثَّمَرَةِ غَالِبًا، فَلَوْلَا الْفَسْخُ لَمَلَكَ نَصِيبَهُ مِنْهَا، وَقَدْ قَطَعَ ذَلِكَ بِفَسْخِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ فَسَخَ الْجَاعِلُ الْجِعَالَةَ قَبْلَ إتْمَامِ عَمَلِهَا، بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ لَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الْمَالِ بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الْعَمَلِ، وَلَمْ يَحْصُلْ بِعَمَلِهِ رِبْحٌ، وَالثَّمَرُ مُتَوَلَّدٌ مِنْ عَيْنِ الشَّجَرِ، وَقَدْ عَمِلَ عَلَى الشَّجَرِ عَمَلًا مُؤَثِّرًا فِي الثَّمَرِ، فَكَانَ لِعَمَلِهِ تَأْثِيرٌ فِي حُصُولِ الثَّمَرِ وَظُهُورِهِ بَعْدَ الْفَسْخِ. ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي " الْقَوَاعِدِ ".
(وَإِنْ بَانَ الشَّجَرُ) الْمُسَاقَى عَلَيْهِ (مُسْتَحَقًّا) - أَيْ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا - لِغَيْرِ الْمَسَاقِي بَعْدَ عَمَلِ عَامِلٍ فِيهِ؛ فَلِرَبِّ الشَّجَرِ أَخْذُهُ وَثَمَرُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْعَامِلِ وَلَهُ - أَيْ الْعَامِلِ - إنْ كَانَ (جَاهِلًا) أَنَّ الشَّجَرَ مُسْتَحَقًّا لِلْغَيْرِ (أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى غَاصِبٍ) ؛ لِأَنَّهُ غَرَسَهُ، وَاسْتَعْمَلَهُ؛ كَمَا لَوْ غَصَبَ نَقْرَةً وَاسْتَأْجَرَ مَنْ ضَرَبَهَا دَرَاهِمَ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا اسْتِحْقَاقَ الشَّجَرِ لِلْغَيْرِ؛ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَإِنْ شَمَّسَ الْعَامِلُ الثَّمَرَةَ، فَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهَا بِذَلِكَ أَخَذَهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ، وَإِنْ نَقَصَتْ فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَأَخْذُ أَرْشِ نَقْصِهَا، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ (أَنْ اقْتَسَمَا) هَا وَأَكَلَاهَا (فَلِمَالِكٍ تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ) مِنْهُمَا. (وَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ) أَنَّهُ إنْ ضَمَّنَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ فَلَهُ تَضْمِينُهُ الْكُلَّ، وَلَهُ تَضْمِينُهُ قَدْرَ نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ سَبَبُ إزَالَةِ يَدِ الْعَامِلِ، فَلَزِمَهُ ضَمَانُ الْجَمِيعِ، وَلَهُ تَضْمِينُ الْعَامِلِ قَدْرَ نَصِيبِهِ؛ لِوُجُودِ التَّلَفِ فِي يَدِهِ، فَاسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، فَإِنْ ضَمِنَ الْغَاصِبُ الْكُلَّ رَجَعَ عَلَى الْعَامِلِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ؛ لِوُجُودِ التَّلَفِ فِي يَدِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute