بِسَبَبِ نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ؛ فَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَظْلِمَ بَعْضًا فِي ذَلِكَ بَلْ الْعَدْلُ وَاجِبٌ لِكُلِّ أَحَدٍ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، وَالظُّلْمُ لَا يُبَاحُ مِنْهُ بِحَالٍ، وَحِينَئِذٍ فَهَؤُلَاءِ الْمُشْتَرِكُونَ لَيْسَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَفْعَلَ مَا بِهِ ظُلْمُ غَيْرِهِ، بَلْ إمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ قِسْطَهُ، فَيَكُونُ عَادِلًا، وَإِمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ زَائِدًا عَلَى قِسْطِهِ، فَيُعِينُ شُرَكَاءَهُ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْهُمْ، فَيَكُونُ مُحْسِنًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ أَدَاءِ قِسْطِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ امْتِنَاعًا يُؤْخَذُ بِهِ قِسْطُهُ مِنْ سَائِرِ الشُّرَكَاءِ؛ فَيَتَضَاعَفُ الظُّلْمُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ الْمَالَ إذَا كَانَ يُؤْخَذُ لَا مَحَالَةَ، وَامْتَنَعَ بِجَاهٍ أَوْ رِشْوَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا؛ كَانَ قَدْ ظَلَمَ مِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِسْطُ الَّذِي يَخُصُّهُ، وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الظُّلْمَ مِنْ غَيْرِ ظُلْمٍ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّ هَذَا جَائِزٌ مِثْلُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ أَدَاءِ مَا يَخُصُّهُ، فَلَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْأَدَاءُ وَاجِبًا عَلَى جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ، كُلٌّ يُؤَدِّي قِسْطَهُ الَّذِي يَنُوبُهُ؛ إذَا قُسِّمَ الْمَطْلُوبُ بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ، وَمَنْ أَدَّى غَيْرُهُ قِسْطَهُ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَكَانَ مُحْسِنًا إلَيْهِ فِي الْأَدَاءِ عَنْهُ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا أَدَّاهُ عَنْهُ؛ كَمَا فِي الْمُقْرِضِ الْمُحْسِنِ، وَمَنْ غَابَ وَلَمْ يُؤَدِّ حَتَّى أَدَّى عَنْهُ الْحَاضِرُونَ؛ لَزِمَهُ قَدْرُ مَا أَدَّوْهُ عَنْهُ، وَمَنْ قَبَضَ ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ، وَأَدَّاهُ إلَى هَذَا الْمُؤَدِّي؛ جَازَ لَهُ أَخْذُهُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُلْزِمُ لَهُ بِالْأَدَاءِ هُوَ الظَّالِمُ الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ، لِهَذَا لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِمَا أَدَّاهُ عَنْهُ؛ كَمَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَدَاءِ بَدَلِ الْقَرْضِ، وَلَا شُبْهَةَ عَلَى الْآخِذِ فِي أَخْذِ بَدَلِ مَالِهِ.
(وَالْخَرَاجُ) فِي الْأَرْضِ (الْخَرَاجِيَّةِ عَلَى رَبِّ مَالٍ، لَا) عَلَى (عَامِلٍ) ، لِأَنَّهُ عَلَى رَقَبَةِ الْأَرْضِ، أَثْمَرَتْ الشَّجَرَةُ أَوْ لَمْ تُثْمِرْ، وَلِأَنَّهُ أُجْرَةُ الْأَرْضِ، فَكَانَ عَلَى مَنْ هِيَ مِلْكُهُ، وَلَا يَجِبُ الْخَرَاجُ فِي الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ (عَلَى عَامِلٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا؛ (كَمَا لَوْ زَارَعَ) آخَرَ (عَلَى أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ) ؛ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ دُونَ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ، فَمَلَكَ الْمُزَارَعَةَ فِيهَا كَالْمَالِكِ، وَحُكْمُ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ كَمَالِكٍ فِي مُسَاقَاةٍ وَمُزَارَعَةٍ، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي فِي نَاظِرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute