عَقْدِ الْحِيلَةِ مُطْلَقًا (سَوَاءٌ جَمَعَ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ) - أَيْ الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ - (أَوْ عَقَدَ وَاحِدًا بَعْدَ آخَرَ) ، فَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ الْعِوَضِ الْمُسْتَحَقِّ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ مِنْ الشَّجَرِ، سَوَاءٌ قِيلَ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَوْ فَسَادِهِ، وَسَوَاءٌ قَطَعَهُ الْمَالِكُ أَوْ غَيْرُهُ، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قَالَ الْبُهُوتِيُّ: قُلْتُ: مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ مِنْ أُجْرَةِ الْأَرْضِ شَيْءٌ إذَا قُلْنَا بِصِحَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ هِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَفُتْ مِنْهَا شَيْءٌ، وَأَمَّا إذَا فَسَدَتْ؛ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ، وَيَرُدُّ الثَّمَرَةَ وَمَا أَخَذَهُ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرِ، وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: (خِلَافًا " لِلْمُنْتَهَى ") فِيهِ نَظَرٌ، وَعِبَارَتُهُ مَعَ شَرْحِهِ: وَمَعَهَا؛ أَيْ: الْحِيلَةِ، إنْ جَمَعَهُمَا؛ أَيْ: الْعَاقِدُ الْإِجَارَةَ وَالْمُسَاقَاةَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَتَفْرِيقُ صَفْقَةٍ، فَيَصِحُّ فِي الْإِجَارَةِ، وَيَبْطُلُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَلِمُسْتَأْجَرٍ فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِتَبَعُّضِ الصَّفْقَةِ فِي حَقِّهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي إبْطَالِ الْحِيَلِ جَوَازَ جَمْعِ الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " قُلْتُ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ - أَيْ عَمَلُ الْحُكَّامِ فِي بِلَادِ الشَّامِ - قَالَ فِي " الْفَائِقِ ": وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي، فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ فَقَطْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ".
(وَمَا أَخَذَهُ مُسْتَأْجِرٌ) جَمَعَ بَيْنَ عَقْدَيْ الْإِجَارَةُ وَالْمُسَاقَاةِ (مِنْ ثَمَرَةٍ) مِنْ الشَّجَرِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ، (أَوْ تَلِفَ) الثَّمَرُ تَحْتَ يَدِهِ؛ (فَمِنْ ضَمَانِهِ) - أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ - لِفَسَادِ الْعَقْدِ، وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَهَذَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ.
(فُرُوعٌ: يُبَاحُ) لِكُلِّ إنْسَانٍ (الْتِقَاطُ مَا تَرَكَهُ حَصَادَ) رَغْبَةً عَنْهُ (مِنْ سُنْبُلِ وَحَبٍّ وَغَيْرِهِمَا) بِلَا خِلَافٍ؛ لِجَرَيَانِ ذَلِكَ مَجْرَى نَبْذِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّرْكِ لَهُ، (وَيَحْرُمُ مَنْعُهُ) . قَالَ فِي الرِّعَايَةِ ": لِأَنَّهُ مَنْعٌ مِنْ مُبَاحٍ (عَلَى غَيْرِ مَالِكٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute