للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يُنْسَخْ) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: ٩٠] وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الثَّابِتِ بَقَاؤُهُ، وَالنَّسْخُ خِلَافُ الْأَصْلِ.

(وَلَوْ أَجَّرَهَا) - أَيْ دَارِهِ - مُدَّةً مَعْلُومَةً (بِشَيْءٍ - أَيْ أَجْرِ مَعْلُومٍ - عَلَى أَنْ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ) الدَّارُ مِنْ عِمَارَةٍ وَإِصْلَاحِ شَعَثٍ (بِنَفَقَةٍ مُسْتَأْجَرٍ مُحْتَسَبًا بِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ؛ صَحَّ) ؛ لِأَنَّ الْإِصْلَاحَ عَلَى الْمَالِكِ، وَقَدْ وَكَّلَهُ فِيهِ.

(وَ) إنَّ شَرْطَ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ (خَارِجًا عَنْ الْأُجْرَةِ؛ لَمْ يَصِحَّ) كَاسْتِئْجَارِهَا؛ بِعِمَارَتِهَا.

(وَلَوْ دَفَعَ غُلَامَهُ لِصَانِعٍ) كَخَيَّاطٍ (لَيُعَلِّمَهُ) الصَّنْعَةَ (بِعَمَلِ الْغُلَامِ سَنَةً؛ جَازَ) ذَلِكَ.

(قَالَهُ الْمَجْدُ) وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي رَجُلٍ أُسْلِمَ إلَيْهِ صَبِيٌّ لَيُعَلِّمَهُ صِنَاعَةً بِعَيْنِهَا، وَشَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَبْقَى بِيَدِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، فَإِنْ أَخَذُوهُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَخَذُوهُ قَبْلَ الْمُدَّةِ - وَقَدْ تَعَلَّمَ - فَلَهُ شَرْطُهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» .

قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ جَعَلَ عِوَضَ التَّعْلِيمِ مُدَّةً مَعْلُومَةً يَخْدُمُهُ، وَيَنْتَفِعُ بِعَمَلِهِ عَلَيْهَا، أَوْ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ صِحَّةُ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَحْمَدَ أَرَادَ صِحَّةَ الشَّرْطِ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهُ الْعِوَضُ، وَلَا يَذْهَبُ تَعْلِيمُهُ مَجَّانًا.

(وَ) يَصِحُّ (اسْتِئْجَارُ حُلِيٍّ بِأُجْرَةٍ) مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَكَذَا بِأُجْرَةٍ (مِنْ جِنْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ يُنْتَفَعُ بِهَا مَنْفَعَةً مُبَاحَةً مَقْصُودَةً مَعَ بَقَائِهَا، فَجَازَتْ إجَارَتُهُ؛ كَالْأَرَاضِيِ، (وَيُكْرَهُ) إذَا كَانَ الِاسْتِئْجَارُ بِنَقْدٍ مِنْ جِنْسِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَكُّ بِالِاسْتِعْمَالِ، فَيَذْهَبُ مِنْهُ أَجْزَاءٌ وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً؛ لِيَحْصُلَ الْأَجْرُ فِي مُقَابَلَتِهَا وَمُقَابَلَةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا، فَيُفْضِي إلَى بَيْعِ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَشَيْءٍ آخَرَ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الِانْتِفَاعِ، لَا فِي مُقَابَلَةِ الذَّهَبِ، وَإِلَّا لَمَا جَازَتْ إجَارَةُ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ؛ لِإِفْضَائِهِ إلَى التَّصَرُّفِ قَبْلَ الْقَبْضِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>