مِثْلِهِ) عَلَى عَمَلِهِ سَوَاءٌ وَعَدَهُ؛ كَمَا لَوْ قَالَ: اعْمَلْهُ، وَخُذْ أُجْرَتَهُ، أَوْ عَرَّضَ لَهُ؛ كَمَا لَوْ قَالَ: اعْمَلْهُ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّك إنَّمَا تَعْمَلُ بِأُجْرَةٍ، أَوْ لَا؛ (وَلَوْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ) - أَيْ الصَّانِعِ - (بِأَخْذِ) أُجْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ لَهُ بِإِذْنِهِ مَا لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ، وَلَمْ يَتَبَرَّعْ؛ كَمَا لَوْ وَضَعَ إنْسَانٌ يَدَهُ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، وَلَا دَلَالَةَ عَنْ تَمْلِيكِهِ إيَّاهُ، أَوْ إذْنِهِ فِي إتْلَافِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي قَبْضِ مَالِ غَيْرِهِ، أَوْ مَنْفَعَتِهِ الضَّمَانُ.
(وَكَذَا رُكُوبُ سَفِينَةٍ، وَحَلْقُ رَأْسٍ، وَغَسْلُ ثَوْبٍ، وَبَيْعُهُ، وَقَابِلَةٌ فِي وِلَادَةٍ) تَجِبُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَشُرْبُ مَاءٍ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ، أَوْ قَهْوَةٍ وَنَحْوِهَا فِي الْمُبَاحَاتِ، وَمَا يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْمَاءِ أَوْ الْقَهْوَةِ وَنَحْوِهَا، وَأُجْرَةُ الْآنِيَةِ وَالسَّاقِي وَالْمَكَانِ؛ جَائِزٌ، بِلَا شَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ لَا يَخْتَصُّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ.
(وَ) كَذَا (كَانَ دُخُولُ حَمَّامٍ) ؛ لِأَنَّ شَاهِدَ الْحَالِ يَقْتَضِيه.
قَالَ فِي " التَّلْخِيصِ " (وَمَا يَأْخُذُهُ حَمَّامٌ فَأُجْرَةُ مَحَلٍّ وَسَطْلٌ وَمِئْزَرٍ وَالْمَاءُ تَبَعٌ) ؛ كَمَا تَقَدَّمَ فِي لَبَنِ الْمُرْضِعَةِ لَا يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ؛ فَإِنَّ الْمَاءَ مَبِيعٌ.
(وَيَتَّجِهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ كَثِيرًا بِحَيْثُ يَغْتَسِلُ فِيهِ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ) ؛ فَلَا يَكُونُ الْمَاءُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَبَعًا، بَلْ تَقَعُ الْإِجَارَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحُوزٌ، وَالِانْتِفَاعُ بِهِ لَا يُنْقِصُهُ، وَلَا يُصَيِّرُهُ مُسْتَعْمَلًا، وَالْقَدْرُ الَّذِي يَعْلَقُ مِنْهُ بِالْجَسَدِ إلَى الْعِلْمِ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الْجَهْلِ. هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَقَوَاعِدُهُمْ لَا تَأْبَاهُ.
يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: لَا يَنْبَغِي لِمَنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فَوْقَ الْمُعْتَادِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ لَفْظًا وَلَا عُرْفًا، بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ؛ كَاسْتِعْمَالِهِ مِنْ الْمَوْقُوفِ فَوْقَ الْقَدْرِ الْمَشْرُوعِ، أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَجِبُ صَرْفُهُ الْوَقْفَ لِلْجِهَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَاقِفُ انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute