(فَإِنْ عُيِّنَ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ - لِكُلِّ يَوْمٍ شَيْءٌ مَعْلُومٌ (أَوْ اكْتَرَاهُ) لِيَسْتَقِيَ لَهُ (كُلَّ دَلْوٍ مَعْلُومٍ مَعَ) عِلْمِ (بِئْرٍ) بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ وَصْفٍ (بِتَمْرَةٍ) ؛ صَحَّ؛ لِحَدِيثِ «عَلِيٍّ قَالَ جُعْت مَرَّةً جُوعًا شَدِيدًا، فَخَرَجْت أَطْلُبُ الْعَمَلَ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ، فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ قَدْ جَمَعَتْ بَدْرًا، فَظَنَنْت أَنَّهَا تُرِيدُ بَلَّهُ، فَقَاطَعْتهَا كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، فَمَدَدْت سِتَّةَ عَشَرَ ذُنُوبًا، فَعَدَّتْ لِي سِتَّ عَشْرَةَ تَمْرَةٍ، فَأَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْته فَأَكَلَ مَعِي مِنْهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَعَنْ «رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ: أَنَّهُ قَالَ لِيَهُودِيٍّ: أَسْقِي نَخْلَك؟ قَالَ: نَعَمْ كُلُّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، وَاشْتَرَطَ الْأَنْصَارِيُّ أَنْ لَا يَأْخُذَ خَدِرَةً وَلَا تَارِزَةً وَلَا حَشَفَةً، وَأَلَّا يَأْخُذَ جَلْدَةً، فَاسْتَقَى بِنَحْوٍ مِنْ صَاعَيْنِ، فَجَاءَ بِهِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَعْلُومٍ لَهُ عِوَضٌ مَعْلُومٌ، فَجَازَ كَمَا لَوْ سَمَّى دِلَاءً مَعْرُوفَةً، وَقَوْلُهُ: جَمَعَتْ بَدْرًا - بِمُوَحَّدَةٍ فَمُهْمَلَةٍ - هُوَ جِلْدُ السَّخْلَةِ، وَقَوْلُهُ: وَاشْتَرَطَهَا جَلْدَةً - أَيْ: شَدِيدَةً قَوِيَّةً أَوْ كَبِيرَةً - وَقَوْلُهُ: خَدِرَةً - بِوَزْنِ زَنِخَةٍ - هِيَ الثَّمَرَةُ تَقَعُ مِنْ النَّخْلَةِ قَبْلَ أَنْ تَنْضَجَ، وَقَوْلُهُ: وَلَا تَارِزَةً بِوَزْنِ فَاعِلَةٍ - أَيْ: يَابِسَةً - وَقَوْلُهُ: وَلَا حَشَفَةً - أَيْ: رَدِيئَةً أَوْ ضَعِيفَةً - لَا نَوَى لَهَا، أَوْ فَاسِدَةً.
(أَوْ) اكْتَرَاهُ (عَلَى) حَمْلِ (زُبْرَةِ حَدِيدٍ لِمُحَلِّ كَذَا عَلَى أَنَّهَا) أَيْ: الزُّبْرَةَ - (عَشَرَةُ أَرْطَالٍ، وَإِنْ زَادَتْ) فَلِكُلِّ رِطْلٍ كَذَا، (أَوْ) قَالَ: (مَا زَادَ؛ فَلِكُلِّ رِطْلٍ كَذَا) ؛ صَحَّ فِي الزُّبْرَةِ فَقَطْ، لِلْعِلْمِ بِهَا دُونَ مَا زَادَ؛ فَإِنَّهُ مَجْهُولٌ، وَأَيْضًا عَقْدُهُ مُعَلَّقٌ، وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِجَارَةِ.
(أَوْ أَجَّرَهُ الدَّارَ كُلَّ شَهْرٍ أَوْ يَوْمٍ أَوْ سَنَةٍ بِكَذَا؛ صَحَّ) ، وَكُلَّمَا دَخَلَ يَوْمٌ أَوْ سَنَةٌ أَوْ شَهْرٌ؛ لَزِمَهَا حُكْمُ الْإِجَارَةِ إنْ لَمْ يَفْسَخَاهَا أَوْ لَهُ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ بِمَنْزِلَةِ إيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى عَيْنِهِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ شُرُوعَهُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَقْدِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى تَقْدِيرِ أُجْرَةٍ، وَالرِّضَا بِبَذْلِهِ بِهِ؛ جَرَى مَجْرَى ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ، وَصَارَ كَالْبَيْعِ بِالْمُعَاطَاةِ إذَا جَرَى مِنْ الْمُسَاوَمَةِ مَا دَلَّ عَلَى الرِّضَا بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute