(أَوْ) ؛ أَيْ: وَلَا تَصِحُّ إجَارَةٌ (نَحْوِ تُفَّاحٍ) كَنِرْجِسٍ (لِشَمٍّ) ؛ لِأَنَّ نَفْعَهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ؛ لِأَنَّ مَنْ غَصَبَ تُفَّاحًا، وَشْمَهُ، وَرَدَّهُ؛ لَمْ يَلْزَمْهُ أُجْرَةُ شَمِّهِ، (أَوْ) إجَارَةُ (شَمْعٍ لِتَجَمُّلٍ) ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، (أَوْ) إجَارَةُ شَمْعٍ (لِشَعْلٍ) أَوْ طَعَامٍ، أَوْ لِيَتَجَمَّلَ بِهِ عَلَى مَائِدَتِهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ ذَلِكَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ، وَمَا لَا يُقْصَدُ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ، (أَوْ ثَوْبٍ لِتَغْطِيَةِ نَعْشٍ) فِيهِ الْمَيِّتُ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "، (أَوْ طَعَامٍ لِأَكْلٍ) ، أَوْ شَرَابٍ لِشُرْبٍ، أَوْ صَابُونٍ لِغَسْلٍ، وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا إلَّا بِإِتْلَافِ عَيْنِهَا، فَإِنْ اسْتَأْجَرَ شَمْعًا لِيُشْعِلَ مِنْهُ مَا شَاءَ، وَيَرُدَّ بَقِيَّتَهُ، وَثَمَنَ الذَّاهِبِ وَأُجْرَةَ الْبَاقِي؛ لَمْ يَصِحَّ لِشُمُولِهِ بَيْعًا وَإِجَارَةً - وَالْمَبِيعُ مَجْهُولٌ - فَيَلْزَمُ الْجَهْلُ بِالْمُسْتَأْجَرِ، فَيَفْسُدُ الْعَقْدَانِ.
(أَوْ) ؛ أَيْ: وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ (حَيَوَانٍ) كَبَقَرٍ وَغَنَمٍ (لِأَخْذِ لَبَنِهِ) أَوْ صُوفِهِ أَوْ شَعْرِهِ هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ النَّفْعُ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا الْعَيْنُ.
وَهِيَ لَا تُمْلَكُ وَلَا تُسْتَحَقُّ بِإِجَارَةٍ (خِلَافًا لِلشَّيْخِ) تَقِيِّ الدِّينِ، فَإِنَّهُ اخْتَارَ جَوَازَ إجَارَةِ مَاءِ قَنَاةٍ مُدَّةً، وَمَاءِ فَائِضِ بِرْكَةٍ رَأَيَاهُ، وَإِجَارَةِ حَيَوَانٍ؛ لِأَجْلِ لَبَنِهِ قَامَ بِهِ هُوَ أَوْ رَبُّهُ، فَإِنْ قَامَ عَلَيْهَا لِمُسْتَأْجِرٍ، وَعَلَفَهَا؛ فَكَاسْتِئْجَارِ الشَّجَرِ وَإِنْ عَلَفَهَا رَبُّهَا، وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي لَبَنًا مُقَدَّرًا؛ فَبَيْعٌ مَحْضٌ، وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُ اللَّبَنَ مُطْلَقًا؛ فَبَيْعٌ أَيْضًا، وَلَيْسَ هَذَا بِغَرَرٍ، وَلِأَنَّ هَذَا يَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا؛ فَهُوَ بِالْمَنَافِعِ أَشْبَهُ، فَإِلْحَاقُهُ بِهَا أَوْلَى، وَلِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَى زَرْعِ الْأَرْضِ هُوَ عَيْنٌ مِنْ أَعْيَانٍ، وَهُوَ مَا يُحْدِثُهُ مِنْ الْحَبِّ بِسَقْيِهِ وَعَمَلِهِ، وَكَذَا مُسْتَأْجَرُ الشَّاةِ لِلَبَنِهَا، مَقْصُودُهُ مَا يُحْدِثُهُ اللَّهُ مِنْ لَبَنِهَا بِعَلْفِهَا وَالْقِيَامِ عَلَيْهَا؛ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَالْآفَاتُ، وَالْمَوَانِعُ الَّتِي تَعْرِضُ لِلزَّرْعِ أَكْثَرُ مِنْ آفَاتِ اللَّبَنِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ الْجَوَازُ، وَالصِّحَّةُ قَالَ: وَكَظِئْرٍ انْتَهَى. وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ.
(غَيْرِ ظِئْرٍ) - أَيْ آدَمِيَّةِ مُرْضِعَةٍ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute