يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْ النَّظَرِ لِلْحُرَّةِ.
لَيْسَتْ الْأَمَةُ مِثْلَ الْحُرَّةِ، فَلَا يُبَاحُ لِلْمُسْتَأْجِرِ النَّظَرُ لِشَيْءٍ مِنْ الْحُرَّةِ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ، فَيَنْظُرُ مِنْهَا إلَى الْأَعْضَاءِ السِّتَّةِ، أَوْ إلَى مَا عَدَّا عَوْرَةَ الصَّلَاةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي النِّكَاحِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَهُمَا كَالْأَجْنَبِيِّ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْلُوَ مَعَ إحْدَاهُمَا فِي بَيْتٍ، وَلَا يَنْظُرَ إلَى الْحُرَّةِ مُتَجَرِّدَةً، وَلَا إلَى شَعْرِهَا الْمُتَّصِلِ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ مِنْهَا، بِخِلَافِ الْأَمَةِ.
(وَكُرِهَ اسْتِئْجَارُ أَصْلِهِ) كَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدَّتِهِ - وَإِنْ عَلَوَا - (لِخِدْمَتِهِ) ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إذْلَالِ الْوَالِدَيْنِ بِالْحَبْسِ عَلَى خِدْمَةِ الْوَلَدِ.
(وَصَحَّ اسْتِئْجَارُ ذِمِّيٍّ مُسْلِمًا) لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ فِي الذِّمَّةِ؛ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَقِصَارَتِهِ، أَوْ إلَى أَمَدٍ كَأَنْ يَسْتَقِي لَهُ أَوْ يَنْسَخُ أَوْ يُقَصِّرُ لَهُ ثِيَابًا شَهْرًا بِكَذَا، نَصًّا.
و (لَا) يَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمًا (لِخِدْمَتِهِ) ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، إنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ الذِّمِّيِّ مِنْ خِدْمَتِهِ؛ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ فِي عَمَلِ شَيْءٍ؛ جَازَ، وَكَوْنُهَا تَصِحُّ لِلْعَمَلِ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَلَا يَتَضَمَّنُ إذْلَالَ الْمُسْلِمِ، وَلَا اسْتِخْدَامَهُ؛ أَشْبَهَ مُبَايَعَتَهُ، وَكَوْنُهَا لَا تَصِحُّ لِلْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ حَبْسَ الْمُسْلِمِ عِنْدَ الْكَافِرِ، وَإِذْلَالَهُ لَهُ، وَاسْتِخْدَامَهُ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ؛ أَشْبَهَ بَيْعَ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ.
الشَّرْطُ (الثَّانِي مَعْرِفَتُهَا) - أَيْ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ لِلْعَاقِدَيْنِ - (بِرُؤْيَةٍ) إنْ كَانَتْ لَا تَنْضَبِطُ بِالصِّفَاتِ؛ كَالدَّارِ وَالْحَمَّامِ (أَوْ صِفَةٍ تَحْصُلُ بِهَا) مَعْرِفَتُهَا؛ (كَمَبِيعٍ) ؛ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ، (فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ) الْمَعْرِفَةُ (بِهَا) - أَيْ الصِّفَةِ - (أَوْ كَانَتْ) الصِّفَةُ (لَا تَأْتِي فِيهَا) - أَيْ الْمُؤَجَّرَةِ -؛ (كَدَارٍ وَعَقَارٍ) مِنْ بَسَاتِينَ وَنَخِيلٍ وَأَرْضٍ، وَعَطْفُهُ عَلَى الدَّارِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ؛ (اُشْتُرِطَتْ مُشَاهَدَتُهُ وَتَحْدِيدُهُ وَمُشَاهَدَةُ قَدْرِ حَمَّامٍ، وَمَعْرِفَةُ مَائِهِ، وَ) مَعْرِفَةُ (مَصْرِفِهِ) - أَيْ الْمَاءِ - (وَمُشَاهَدَةُ الْإِيوَانِ، وَمَطْرَحُ رَمَادٍ وَزِبْلٍ) .
وَمَا رُوِيَ أَنَّ الْإِمَامَ كَرِهَ كَرْيَ الْحَمَّامِ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ مَنْ تَنْكَشِفُ عَوْرَتُهُ فِيهِ، حَمَلَهُ ابْنُ حَامِدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute