فَقَدْ صَادَفَ تَصَرُّفَ الْمُؤَجِّرِ مِلْكُهُمْ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِمْ؛ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي، وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ (وَكَذَا) - أَيْ: مِثْلُ النَّاظِرِ بِأَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ - (مُؤَجِّرُ إقْطَاعِهِ) غَيْرَ إقْطَاعِ الِاسْتِغْلَالِ، [أَمَّا هُوَ فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ كَمَا يَأْتِي فِي التَّتِمَّةِ] ، (ثُمَّ يُقْطَعُهُ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ - (غَيْرُهُ) - أَيْ: غَيْرُ الْمُؤَجِّرِ - يَنْتَزِعُ مَنْ آلَ إلَيْهِ الْوَقْفُ وَالْإِقْطَاعُ ذَلِكَ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَيَرْجِعُ مُسْتَأْجِرٌ عَجَّلَ أُجْرَتَهُ عَلَى وَرَثَةِ قَابِضٍ مَاتَ، أَوْ رَقِيقِهِ أَوْ بَهَائِمِهِ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: تَجُوزُ إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ كَالْوَقْفِ، وَلَمْ يَزَلْ يُؤَجَّرُ مِنْ زَمَنِ الصَّحَابَةِ إلَى الْآنِ، وَمَا عَلِمْت أَحَدًا مِنْ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا غَيْرِهِمْ قَالَ: إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ لَا تَجُوزُ حَتَّى حَدَثَ فِي زَمَنِنَا، فَابْتُدِعَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الْفُرُوعِ " قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " لَوْ أَجَّرَهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْإِقْطَاعُ لِآخَرَ، فَذَكَرَ فِي " الْقَوَاعِدِ " أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَقْفِ إذَا انْتَقَلَ إلَى بَطْنٍ ثَانٍ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ تَنْفَسِخُ، لَكِنْ عَمَلُ الْحُكَّامِ مِنْ أَزْمِنَةٍ مُتَطَاوِلَةٍ عَلَى عَدَمِ الِانْفِسَاخِ.
تَتِمَّةٌ: وَإِنْ كَانَتْ الْإِقْطَاعُ عُشْرًا أَوْ خَرَاجًا؛ بِأَنْ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ إقْطَاعَ اسْتِغْلَالٍ، وَهُوَ عُشْرُ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ، أَوْ خَرَاجُهَا دُونَ الْأَرْضِ؛ لَمْ تَصِحَّ إجَارَتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْأَرْضَ، وَلَا مَنْفَعَتَهَا كَتَضْمِينِهِ الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاة أَنَّهُ بَاطِلٌ.
(وَإِنْ أَجَّرَ سَيِّدٌ رَقِيقَهُ أَوْ) أَجَّرَ (وَلِيٌّ يَتِيمًا) مَحْجُورًا عَلَيْهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، (أَوْ) أَجَّرَ (مَالِهِ) - أَيْ: مَالِ مَحْجُورِهِ كَدَارِهِ أَوْ رَقِيقِهِ أَوْ بَهَائِمِهِ - (ثُمَّ عَتَقَ) الرَّقِيقُ (الْمَأْجُورُ، أَوْ بَلَغَ) الْيَتِيمُ، (أَوْ رَشَدَ) الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ، (أَوْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ، أَوْ عُزِلَ) الْوَلِيُّ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ (لَمْ تَنْفَسِخْ) إجَارَةُ الرَّقِيقِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ لَازِمٌ يَمْلِكُهُ الْمُتَصَرِّفُ؛ كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَةً، ثُمَّ بَاعَهَا، أَوْ أَعْتَقَهَا، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى مَوْلَاهُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ اُسْتُحِقَّتْ بِالْعَقْدِ قَبْلَ الْعِتْقِ، فَلَمْ يَرْجِعْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute