هَذَا الْخَلَلُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمُصَنِّفِ تَقْدِيرَ الْعَمَلِ، فَلَوْ أَسْقَطَ هَذَا الِاشْتِرَاطَ؛ لَحَصَلَ بَيْنَ كَلَامِهِ وَكَلَامِ " الْإِقْنَاعِ " وَغَيْرِهِ كَمَالُ الِارْتِبَاطِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ فِي " الْإِقْنَاعِ " قَوْلُ " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ": وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ كَحَّالًا لِيُكَحِّلَ عَيْنَهُ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ جَائِزٌ، وَيُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ، وَيَحْتَاجُ أَنْ يُقَدَّرَ ذَلِكَ بِالْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ غَيْرُ مَضْبُوطٍ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ اشْتِرَاطُ تَقْدِيرِ الْعَمَلِ، (أَوْ) ؛ أَيْ: وَاشْتِرَاطُ تَقْدِيرِ الْعَمَلِ (بِمُدَّةٍ كَشَهْرٍ) ؛ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ بِدُونِهَا؛ وَلَا يَصِحُّ تَقْدِيرُ ذَلِكَ (بِزَمَنِ بُرْءٍ؛ لِجَهَالَتِهِ) - أَيْ الْبُرْءِ -.
(وَكَذَا) لَا يَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ إنْسَانًا (لِتَطْيِينِ سَطْحٍ، وَ) تَطْيِينِ (حَائِطٍ وَتَجْصِيصِهِ؛ لِاخْتِلَافِ طِينٍ بِرِقَّةٍ وَغِلَظٍ) ، وَأَرْضُ السَّطْحِ تَخْتَلِفُ، فَمِنْهَا الْعَالِي وَالنَّازِلُ، وَكَذَا الْحِيطَانُ؛ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا عَلَى مُدَّةٍ، (وَشُرِطَ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ - (بَيَانُ عَدَدِ مَا يُكْحِلُهُ كُلَّ يَوْمٍ) فَيَقُولُ: (مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) ، فَإِنْ كَانَ الْكُحْلُ مِنْ الْعَلِيلِ؛ جَازَ؛ لِأَنَّ آلَةَ الْعَمَلِ تَكُونُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ؛ كَاللَّبِنِ فِي الْبِنَاءِ وَالطِّينِ وَالْآجُرِّ وَنَحْوِهَا.
وَإِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْكَحَّالِ جَازَ، خِلَافًا لِلْقَاضِي؛ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ، وَيَشُقُّ عَلَى الْعَلِيلِ تَحْصِيلُهُ، وَقَدْ يَعْجِزُ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، فَجَازَ ذَلِكَ؛ كَالصَّبْغِ مِنْ الصَّبَّاغِ وَالْحِبْرِ وَالْأَقْلَامِ مِنْ النَّاسِخِ، وَاللَّبَنِ فِي الرَّضَاعِ، وَفَارَقَ لَبِنَ الْحَائِطِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَحْصِيلُ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ، وَلَا يَشُقُّ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ مُدَّةً، فَكَحَّلَهُ؛ فَلَمْ تَبْرَأْ عَيْنُهُ، فَإِنَّهُ (يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ) ؛ لِأَنَّهُ وَفَّى بِالْعَمَلِ الَّذِي وَقَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute