لِأَنَّ ذَلِكَ عَمَلٌ لَا يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ؛ لِصِحَّتِهِ مِنْ الذِّمِّيِّ، (وَحَلْقُ شَعْرٍ) مَطْلُوبٌ أَوْ مُبَاحٌ أَخْذُهُ (وَتَقْصِيرُهُ، وَخِتَانٌ وَقَطْعُ شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ) كَسِلْعَةٍ (لِحَاجَةٍ) إلَى قَطْعِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ مَقْصُودَةٌ.
(وَ) يَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ (لِتَعْلِيمِ نَحْوِ خَطٍّ) ؛ كَنَقْشٍ (وَحِسَابٍ، وَشِعْرٍ مُبَاحٌ) ، وَيَجُوزُ أَخْذُ الْأَجْرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَارَةً يَقَعُ قُرْبَةً، وَتَارَةً غَيْرَ قُرْبَةٍ؛ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهِ لِفِعْلِهِ؛ كَغَرْسِ الْأَشْجَارِ، وَبِنَاءِ الْبُيُوتِ؛ لِكَوْنِ فَاعِلِهَا لَا يَخْتَصُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ، (فَإِنْ نَسِيَهُ) - أَيْ: مَا تَعَلَّمَهُ مِنْ شِعْرٍ وَحِسَابٍ وَنَحْوِهِ - (فِي الْمَجْلِسِ أَعَادَ تَعْلِيمَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعُرْفِ، (وَإِلَّا) بِأَنْ نَسِيَهُ بَعْدَ الْمَجْلِسِ؛ (فَلَا يَلْزَمُهُ) إعَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
(وَ) يَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ (لِحَجْمٍ وَفَصْدٍ) ، وَلَا يَحْرُمُ أَجْرُهُ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: «احْتَجَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ، وَلَوْ عَلِمَهُ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي لَفْظٍ: «لَوْ عَلِمَهُ خَبِيثًا لَمْ يُعْطِهِ» . وَلِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لَا يَخْتَصُّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهَا مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ، فَجَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا؛ كَالرَّضَاعِ.
(وَكُرِهَ لِحُرٍّ) لَا رَقِيقٍ (أَكْلُ أَجْرِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْهِدَايَةِ " " وَالْمُذَهَّبِ " " وَالْخُلَاصَةِ " " وَالْمُحَرَّرِ " " وَالْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِ، (وَلَوْ أَخَذَهُ بِلَا شَرْطٍ تَنْزِيهًا لَهُ) " عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ (وَيُطْعِمُهُ رَقِيقًا وَبَهَائِمَ) ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ: «أَطْعِمْهُ نَاضِحَك وَرَقِيقَك» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، فَدَلَّ عَلَى إبَاحَتِهِ؛ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُطْعِمَ رَقِيقَهُ مَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ، فَإِنَّ الرَّقِيقَ آدَمِيٌّ يُمْنَعُ مِمَّا يُمْنَعُ مِنْهُ الْحُرُّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَسْمِيَتِهِ خَبِيثًا التَّحْرِيمُ، فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ سَمَّى الْبَصَلَ وَالثُّومَ خَبِيثَيْنِ مَعَ إبَاحَتِهِمَا، وَخَصَّ الْحُرَّ بِذَلِكَ تَنْزِيهًا لَهُ.
(وَكَذَا) يُكْرَهُ لِحُرٍّ أَكْلُ (أُجْرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute