(وَإِنْ تَلِفَتْ) الدَّابَّةُ الْمُؤَجَّرَةُ، وَقَدْ خَالَفَ الْمُسْتَأْجِرُ، فَفَعَلَ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ؛ فَعَلَيْهِ (قِيمَتُهَا كُلُّهَا) ؛ لِتَعَدِّيهِ، سَوَاءٌ أَتَلِفَتْ فِي الزِّيَادَةِ، أَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ رَدِّهَا إلَى الْمَسَافَةِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ صَارَتْ ضَامِنَةً بِمُجَاوَزَةِ الْمَكَانِ، فَلَا يَزُولُ الضَّمَانُ عَنْهَا إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ، وَلَمْ يُوجَدْ.
(وَلَوْ أَنَّهَا) - أَيْ الدَّابَّةُ - حِينَ تَلِفَتْ (بِيَدِ صَاحِبِهَا) ؛ بِأَنْ كَانَ مَعَهَا (حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بِالزَّائِدِ) عَلَى مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ (أَوْ الْمُجَاوَزَةُ) لِلْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ. هَذَا الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " " وَالْمُجَرَّدِ " وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ الْيَدَ لِلرَّاكِبِ وَصَاحِبِ الْحَمْلِ، (وَسُكُوتُ رَبِّهَا لَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ، كَمَا لَوْ أُبِيعَ مَتَاعُهُ، وَهُوَ سَاكِتٌ) ؛ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ الطَّلَبُ بِهِ، وَكَمَا لَوْ زَادَ عَلَى الْحَدِّ سَوْطًا، وَيَأْتِي. وَ (لَا) ضَمَانَ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ إنْ (تَلِفَتْ) الْمُسْتَأْجَرَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (بِيَدِ صَاحِبِهَا، وَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرٍ عَلَيْهَا شَيْءٌ بِسَبَبٍ غَيْرِ حَاصِلٍ بِالزِّيَادَةِ) ؛ بِأَنْ افْتَرَسَهَا سَبُعٌ، أَوْ سَقَطَتْ مِنْهُ فِي هُوَّةٍ، أَوْ جَرَحَهَا إنْسَانٌ، فَمَاتَتْ؛ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتْلَفْ فِي عَارِيَّةٍ وَإِحَالَةُ الضَّمَانِ عَلَى الْجَارِحِ لَهَا أَوْ نَحْوِهِ أَوْلَى مِنْ الْمُكْتَرِي.
وَإِنْ حَصَلَ التَّلَفُ (بِهَا) - أَيْ الزِّيَادَةُ - بِسَبَبِهَا؛ (كَتَعَبٍ مِنْ حَمْلٍ) زَادَ فِيهِ، (وَسَيْرٍ) تَجَاوَزَ فِيهِ الْمَسَافَةُ؛ (فَيَضْمَنُ) الْمُسْتَأْجِرُ؛ لِأَنَّهَا تَلِفَتْ بِسَبَبٍ حَاصِلٍ مِنْ تَعَدِّيهِ؛ (كَتَلَفِهَا تَحْتَ حَمْلٍ) زَائِدٍ وَتَحْتَ رَاكِبٍ مُتَعَدٍّ، (وَكَمَنْ أَلْقَى حَجَرًا بِسَفِينَةٍ مُوَقَّرَةٍ، فَغَرِقَتْ) بِسَبَبِ وَضْعِ الْحَجَرِ؛ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَمَا فِيهَا جَمِيعَهُ.
وَإِنْ أَكْتُرِيَ إنْسَانٌ لِحَمْلِ قَفِيزَيْنِ، فَحَمَلَهُمَا، فَوَجَدَهُمَا ثَلَاثَةً، فَإِنْ كَانَ الْمُكْتَرِي تَوَلَّى الْكَيْلَ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُكْرِي بِأَنَّهَا ثَلَاثَةٌ؛ فَكَمَنْ اُكْتُرِيَ لِحُمُولَةِ شَيْءٍ، فَزَادَ عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ، وَإِنْ كَانَ الْأَجِيرُ تَوَلَّى الْكَيْلَ وَالتَّعْبِئَةَ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُكْتَرِي، أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يَأْذَنْ، فَهُوَ غَاصِبٌ؛ فَلَا أَجْرَ لَهُ فِي حَمْلِ الزَّائِدِ؛ لِتَعَدِّيهِ بِحَمْلِهِ، وَإِنْ تَلِفَتْ دَابَّتُهُ؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَهَا؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute