رُجُوعُ الْمَاءِ إلَى خَلْفٍ، وَأَرْضُ دِمَشْقَ (الشَّامِ) الشَّارِبَةُ مِنْ زِيَادَةِ بَرَدَى، وَمَا يَشْرَبُ مِنْ الْأَوْدِيَةِ الْجَارِيَةِ بِمَاءِ الْمَطَرِ الْمُعْتَادِ؛ فَهَذِهِ تَصِحُّ إجَارَتُهَا قَبْلَ وُجُودِ الْمَاءِ الَّذِي تُسْقَى بِهِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ حُصُولَهُ مُعْتَادٌ، وَالظَّاهِرُ وُجُودُهُ؛ فَجَازَتْ إجَارَةُ الْأَرْضِ الشَّارِبَةِ بِهِ؛ كَالشَّارِبَةِ مِنْ مِيَاهِ الْأَمْطَارِ، وَلِأَنَّ ظَنَّ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ فِي وَقْتِهِ يَكْفِي فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ؛ كَالسَّلَمِ فِي الْفَاكِهَةِ إلَى أَوَانِهَا.
(وَلَوْ زَرَعَ) الْمُسْتَأْجِرُ، (فَغَرِقَ) الزَّرْعُ، (أَوْ تَلِفَ بِنَحْوِ جَرَادٍ) كَحَرِيقٍ وَفَأْرٍ أَوْ بَرْدٍ وَغَيْرِهِ قَبْلَ حَصَادِهِ، (أَوْ لَمْ يَنْبُتْ؛ فَلَا خِيَارَ) لَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، (وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً) ؛ لِأَنَّ التَّالِفَ غَيْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَسَبَبُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، وَإِنَّمَا تَلِفَ مَالُ الْمُكْتَرِي فِيهِ؛ فَأَشْبَهَ مَنْ اكْتَرَى دُكَّانًا فَاحْتَرَقَ مَتَاعُهُ فِيهِ.
(وَ) إنْ أَمْكَنَ الْمُكْتَرِي الِانْتِفَاعَ بِالْأَرْضِ بِغَيْرِ الزَّرْعِ أَوْ بِهِ؛ (فَلَهُ زَرْعُهَا ثَانِيًا وَثَالِثًا فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ.
(وَإِنْ تَعَذَّرَ زَرْعُ) أَرْضٍ مُؤَجَّرَةٍ (لِغَرَقٍ) حَدَثَ أَوْ انْقِطَاعِ مَائِهَا؛ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ لِمَعْنًى فِي الْعَيْنِ، وَإِنْ تَلِفَ الزَّرْعُ بِذَلِكَ؛ فَلَيْسَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهُ بِمُبَاشَرَةٍ وَلَا تَسَبُّبٍ؛.
(أَوْ قَلَّ الْمَاءُ قَبْلَ زَرْعِهَا) بِحَيْثُ لَا يَكْفِي الزَّرْعَ؛ فَلَهُ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ، (أَوْ) قَلَّ الْمَاءُ (بَعْدَهُ) - أَيْ بَعْدَ أَنْ زَرَعَهَا؛ فَلَهُ الْفَسْخُ أَيْضًا، وَيَبْقَى الزَّرْعُ فِي الْأَرْضِ إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَ، وَعَلَيْهِ مِنْ الْمُسَمَّى بِحِصَّتِهِ إلَى حِينِ الْفَسْخِ، وَأَجْرُ الْمِثْلِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لِأَرْضٍ لَهَا مِثْلُ ذَلِكَ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ إنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ بِالْكُلِّيَّةِ، (أَوْ عَابَتْ) أَرْضُ مُؤَجِّرِهِ (بِغَرَقٍ يَعِيبُ بِهِ الزَّرْعُ؛ فَلَهُ الْخِيَارُ) ؛ لِحُصُولِ مَا تَنْقُصُ بِهِ مَنْفَعَةُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ.
(فَإِنْ فَسَخَ بَعْدَ زَرْعٍ؛ فَلَهُ قِسْطُ الْمُسَمَّى) مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ (إلَى) حِينِ (الْفَسْخِ، وَ) يَلْزَمُهُ (أَجْرُ مِثْلٍ لِبَاقٍ) مِنْ الْمُدَّةِ لِأَرْضٍ مُتَّصِفَةٍ بِالْعَيْبِ الَّذِي مَلَكَ الْفَسْخَ مِنْ أَجْلِهِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ يُؤْخَذُ (مِنْهُ) - أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ فَسَخَ إلَى آخِرِهِ - (إنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute