(وَلَا) ضَمَانَ عَلَى (حَجَّامٍ أَوْ خَتَانِ) ، خَاصًّا كَانَ أَوْ مُشْتَرَكًا، (بِآلَةٍ غَيْرِ كَالَّةٍ) ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْقَطْعِ (فِي وَقْتٍ صَالِحٍ لِقَطْعٍ) ، فَإِنْ قَطَعَ فِي وَقْتٍ لَا يَصْلُحُ الْقَطْعُ فِيهِ؛ ضَمِنَ، (أَوْ بَيْطَارٍ أَوْ طَبِيبٍ خَاصًّا أَوْ مُشْتَرَكًا) إذَا كَانَ (حَاذِقًا) فِي صَنْعَتِهِ، (وَلَمْ تَجْنِ يَدُهُ بِمُجَاوَزَةٍ، أَوْ قَطْعِ مَا لَمْ يَقْطَعْ) ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ فِعْلًا مُبَاحًا، فَلَمْ يَضْمَنْ سِرَايَتَهُ؛ كَحَدِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: اقْطَعْ قَطْعًا لَا يَسْرِي، بِخِلَافِ دُقَّ دَقًّا لَا يَخْرِقُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حِذْقٌ فِي الصَّنْعَةِ، ضَمِنُوا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُمْ مُبَاشَرَةُ الْقَطْعِ إذَنْ، فَإِذَا قَطَعَ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا، فَضَمِنَ سَرَايَتَهُ. (وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ) - أَيْ: الْفِعْلُ - (مُكَلَّفٌ وَلَوْ سَفِيهًا - أَوْ) أَذِنَ فِيهِ (وَلِيُّ نَحْوِ صَغِيرٍ) ؛ كَمَجْنُونٍ، أَوْ فَعَلَهُ الْحَاكِمُ بِنَحْوِ الصَّغِيرِ، أَوْ وَلِيُّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الْحَاكِمُ حَتَّى فِي قَطْعِ سِلْعَةٍ وَنَحْوِهَا؛ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ مِنْ ذِي الْوِلَايَةِ، (وَإِلَّا) يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ فَسَرَتْ الْجِنَايَةُ؛ (ضَمِنَ) لِأَنَّهُ فِعْلٌ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ، (وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ قَضَى بِهِ فِي طِفْلَةٍ مَاتَتْ مِنْ الْخِتَانِ بِدِيَةٍ عَلَى عَاقِلَةِ خَاتِنِهَا.
وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ، وَكَانَ حَاذِقًا، لَكِنْ جَنَتْ يَدُهُ، وَلَوْ خَطَأً؛ مِثْلَ أَنْ جَاوَزَ الْخِتَانَ إلَى الْحَشَفَةِ أَوْ إلَى بَعْضِهَا، أَوْ قَطَعَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقَطْعِ، أَوْ قَطَعَ سِلْعَةً، فَتَجَاوَزَ مَوْضِعَ مَحَلِّ الْقَطْعِ، أَوْ قَطَعَ بِآلَةٍ كَآلَةٍ يَكْثُرُ أَلَمُهَا، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ؛ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ لَا يَخْتَلِفُ ضَمَانُهُ بِالْعَمْدِ وَالْخَطَأِ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي " تُحْفَةِ الْوَدُودِ ": فَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَخْتِنَهُ فِي زَمَنِ حَرٍّ مُفْرِطٍ، أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطٍ، أَوْ فِي حَالِ ضَعْفٍ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا؛ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِالْإِذْنِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا؛ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ شَرْعًا، وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ وَلِيُّهُ؛ أَيْ: فِي زَمَنِ الْحَرِّ الْمُفْرِطِ أَوْ الْبَرْدِ؛ فَهَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ، هَلْ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ أَوْ الْخَاتِنِ؟ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْوَلِيَّ مُتَسَبِّبٌ، وَالْخَاتِنَ مُبَاشِرٌ؛ فَالْقَاعِدَةُ تَقْتَضِي تَضْمِينَ الْمُبَاشِرِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْإِحَالَةُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ، مَا إذَا تَعَذَّرَ تَضْمِينُهُ. انْتَهَى.
(وَلَا) ضَمَانَ عَلَى (رَاعٍ) فِيمَا تَلِفَ مِنْ الْمَاشِيَةِ إذَا (لَمْ يَتَعَدَّ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute