(مَعْمُولًا) - أَيْ: مَصْبُوغًا وَنَحْوُهُ - (وَمَحْمُولًا) إلَى مَكَان تَلِفَ فِيهِ، (وَلَهُ الْأَجْرُ) - أَيْ: أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَحَمْلِهِ -، لِأَنَّ تَضْمِينَهُ إيَّاهُ كَذَلِكَ فِي مَعْنَى تَسْلِيمِ الْعَمَلِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَإِنَّمَا خُيِّرَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ مُسْتَصْحِبٌ عَلَيْهِ إلَى حِينِ الْمُطَالَبَةِ بِقِيمَتِهِ قَبْلَ عَمَلِهِ وَحِينَ تَلَفِهِ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ) أَجِيرٌ (مُشْتَرَكٌ) أَجِيرًا (خَاصًّا) ؛ كَخِيَاطَةٍ أَوْ صَبَّاغٍ يَسْتَأْجِرُ أَجِيرًا فَأَكْثَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً يَسْتَعْمِلُهُ فِيهَا؛ (فَلِكُلٍّ) مِنْ الْخَاصِّ وَالْمُشْتَرَكِ (حُكْمُ نَفْسِهِ) ، فَإِذَا تَقَبَّلَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ، وَدَفَعَهُ إلَى أَجِيرِهِ فَخَرَقَهُ، أَوْ أَفْسَدَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ؛ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ خَاصٌّ، وَيَضْمَنُهُ صَاحِبُ الدُّكَّانِ لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ.
(وَإِنْ تَقَبَّلَ) الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ، (وَلَمْ يَعْمَلْ، بَلْ اسْتَعَانَ بِغَيْرِهِ؛ فَلَهُ) - أَيْ: الْمُشْتَرَكُ - (الْأُجْرَةُ) الْمُسَمَّاةُ فِي الْعَقْدِ؛ (لِضَمَانِهِ) - أَيْ: الْتِزَامِهِ الْعَمَلَ - (لَا لِتَسْلِيمِ الْعَمَلِ) ، وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرِكَةِ أَنَّ التَّقَبُّلَ يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُتَقَبِّلِ، وَيَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ، وَسَوَاءٌ عَمَلَ فِيهِ شَيْئًا، أَوْ لَا.
(وَ) إنْ قَالَ الْأَجِيرُ: (أَذِنْت لِي فِي تَفْصِيلِهِ) - أَيْ: الثَّوْبُ - (قَبَاءً، وَقَالَ) الْمُسْتَأْجَرُ: (بَلْ) أَذِنْت لَك بِتَفْصِيلِهِ (قَمِيصًا) ؛ فَالْقَوْلُ (قَوْلُ خَيَّاطٍ) ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِئَلَّا يَغْرَمَ نَقْصَهُ مَجَّانًا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ رَبِّهِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ؛ لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ.
قَالَ فِي " التَّلْخِيصِ " الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْهِدَايَةِ " " وَالْمُذَهَّبِ " " وَالْخُلَاصَةِ " " وَالْمُحَرَّرِ " " وَالْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِمْ، (وَلَوْ كَانَ مِثْلُ رَبِّهِ) - أَيْ: الثَّوْبُ - (لَا يَلْبِسُ الْقَبَاءَ) ، خِلَافًا لِابْنِ أَبِي مُوسَى، وَإِنَّمَا قَبْلَ قَوْلِ الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ، وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَأْذُونِ؛ كَالْمَضَارِبِ إذَا قَالَ: أَذِنْت لِي فِي الْبَيْعِ نَسَاءً، وَلِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى مِلْكِ الْخَيَّاطِ الْقَطْعَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فَعَلَ مَا مَلَكَهُ، وَاخْتُلِفَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute