عِوَضَهُ، وَهُوَ الْأُجْرَةُ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ تَسْلِيمِ الْأُجْرَةِ إنْ لَمْ تُؤَجَّلْ، فَإِنْ أُجِّلَتْ لَمْ يَجِبْ بَذْلُهَا حَتَّى تَحِلَّ؛ كَالثَّمَنِ وَالصَّدَاقِ، وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ الْعَمَلِ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَتَسَلَّمَهُ الْمُسْتَأْجِرُ، وَإِنْ وَجَبَتْ بِالْعَقْدِ، وَعَلَى هَذَا وَرَدَتْ النُّصُوصُ، وَلِأَنَّ الْأَجِيرَ إنَّمَا يُوَفَّى أَجْرَهُ إذَا قَضَى عَمَلَهُ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ؛ فَلَا يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَهُ إلَّا مَعَ تَسْلِيمِ الْمُعَوَّضِ؛ كَالصَّدَاقِ وَالثَّمَنِ، وَفَارَقَ الْإِجَارَةَ عَلَى الْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَهَا يَجْرِي مَجْرَى تَسْلِيمِ نَفْعِهَا، وَتَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ أَيْضًا بِمُجَرَّدِ (فَرَاغِ عَمَلِ) أَجِيرٍ (خَاصٍّ) كَانَ يُوقِعُ الْعَمَلَ بِبَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ (مُطْلَقًا) ؛ أَيْ: سَوَاءٌ بَذَلَهُ لَهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى الْبَذْلِ، (وَ) تَسْتَقِرُّ أَيْضًا (بِانْتِهَاءِ الْمُدَّةِ) - أَيْ: مُدَّةِ الْإِجَارَةِ - إنْ كَانَتْ عَلَى مُدَّةٍ، وَسُلِّمَتْ إلَيْهِ الْعَيْنُ بِلَا مَانِعٍ، وَلَوْ لَمْ يَنْتَفِعْ؛ لِتَلَفِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تَحْتَ يَدِهِ، وَهُوَ حَقُّهُ، فَاسْتَقَرَّ عِوَضُهُ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ إذَا تَلِفَ بِيَدِ مُشْتَرٍ.
(وَ) تَسْتَقِرُّ أَيْضًا (بِبَذْلِ تَسْلِيمِ عَيْنٍ) مُعَيَّنَةٍ (لِعَمَلٍ بِذِمَّةٍ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ) - أَيْ: اسْتِيفَاءُ الْعَمَلِ - (فِيهَا) - أَيْ: الْمُدَّةِ - حَيْثُ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ لِتَلَفِ الْمَنَافِعِ تَحْتَ يَدِهِ بِاخْتِيَارِهِ، فَاسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ؛ كَتَلَفِ الْمَبِيعِ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي. فَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَّةَ مَثَلًا ذَهَابًا وَإِيَابًا بِكَذَا، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ الْمُؤَجِّرُ، وَمَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا ذَهَابُهُ إلَيْهَا، وَرُجُوعُهُ عَلَى الْعَادَةِ، وَلَمْ يَفْعَلْ اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ.
(وَلَوْ لَمْ يَتَسَلَّمْ) الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمُقَدَّرَةُ، أَوْ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْأَجْرِ فِيهِ؛ اسْتَقَرَّ الْأَجْرُ عَلَيْهِ لِتَلَفِ الْمَنَافِعِ بِاخْتِيَارِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَجْرُ؛ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ.
(وَلَا تَجِبُ أُجْرَةٌ بِبَذْلِ) تَسْلِيمِ الْعَيْنِ (فِي) إجَارَةِ (فَاسِدَةٍ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا لَمْ تَتْلَفْ تَحْتَ يَدِهِ وَلَا فِي مِلْكِهِ، (فَإِنْ تَسَلَّمَ) الْمُؤَجَّرَةَ فِي إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ، أَوْ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ عَمَلٍ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ أَوْ لَا؛ فَعَلَيْهِ (أُجْرَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute