بَلْ إذَا بَقِيَ؛ فَعَلَى مَالِكِهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ أَبْقَاهُ - أَيْ الْغِرَاسَ أَوْ الْبِنَاءَ الْمَوْقُوفَ - بِالْأُجْرَةِ؛ فَمَتَى بَادَ؛ بَطَلَ الْوَقْفُ، وَأَخَذَ الْأَرْضَ صَاحِبُهَا، فَانْتَفَعَ بِهَا.
وَقَالَ فِيمَنْ احْتَكَرَ أَرْضًا بَنَى فِيهَا مَسْجِدًا أَوْ بِنَاءً وَقَفَهُ عَلَيْهِ: مَتَى فَرَغَتْ الْمُدَّةُ، وَانْهَدَمَ الْبِنَاءُ؛ زَالَ حُكْمُ الْوَقْفِ، وَأَخَذُوا أَرْضَهُمْ، فَانْتَفَعُوا بِهَا، وَمَا دَامَ الْبِنَاءُ قَائِمًا فِيهَا؛ فَعَلَيْهِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ؛ كَوَقْفِ عُلُوِّ رَبْعٍ أَوْ دَارٍ مَسْجِدًا، فَإِنَّ وَقْفَ عُلُوِّ ذَلِكَ؛ لَا يُسْقِطُ حَقَّ مُلَّاكِ السُّفْلِ وَكَذَا وَقْفُ الْبِنَاءِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ مُلَّاكِ الْأَرْضِ، وَذَكَرَ فِي " الْفُنُونِ " مَعْنَاهُ، قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَا يَسَعُ النَّاسَ إلَّا ذَلِكَ.
وَقَالَ (" الْمُنَقَّحُ ") : قُلْتُ: (بَلْ إذَا حَصَلَ بِهِ) - أَيْ: التَّمَلُّكِ (نَفْعٌ) لِجِهَةِ الْوَقْفِ؛ بِأَنْ يَكُونَ تَمَلُّكُهُ أَحَظَّ مِنْ قَلْعِهِ وَضَمَانِ نَقْصِهِ، وَمِنْ إبْقَائِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ؛ (كَانَ لَهُ ذَلِكَ) - أَيْ: تَمَلُّكُهُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ - لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً تَعُودُ إلَى مُسْتَحِقِّ الرِّيعِ؛ أَشْبَهَ شِرَاءَ وَلِيٍّ بِنَاءً لِيَتِيمٍ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَدْ رُئِيَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، وَمَرَّ فِي فَصْلِ: وَإِنْ ظَهَرَ عَيْبٌ: أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ (تَمَلُّكَ زَرْعٍ) زَرَعَهُ مُؤَجِّرٌ تَعَدِّيًا بِنَفَقَتِهِ، (وَ) مَرَّ أَيْضًا أَنَّ (مَيْلَ ابْنِ رَجَبٍ) إلَيْهِ.
(وَفِي " الْإِقْنَاعِ " لَا يَتَمَلَّكُ غَيْرُ تَامِّ الْمِلْكِ؛ كَمَوْقُوفٍ عَلَيْهِ وَمُسْتَأْجِرٍ) وَمُوصًى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ؛ لِقُصُورِ مِلْكِهِ، وَلِذَلِكَ لَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ، هَذَا تَخْرِيجٌ لِابْنِ رَجَبٍ، وَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لَهُ تَمَلُّكُ زَرْعِ الْغَاصِبِ بِالنَّفَقَةِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَلِذَلِكَ جَوَّزَ ابْنُ رَجَبٍ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ مَا إذَا غُصِبَتْ الْأَرْضُ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا، أَوْ الْمُسْتَأْجَرَةُ وَزُرِعَ فِيهَا، فَهَلْ يَمْلِكُ الزَّرْعَ مَالِكُ الرَّقَبَةِ؟ أَوْ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ؟ ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالسَّبْعِينَ.
وَقَالَ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى " بِأَحْكَامِ الْخَرَاجِ ": فِيمَا إذَا خَرَجَ مَنْ بِيَدِهِ الْأَرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ مِنْهَا، وَلَهُ غِرَاسٌ أَوْ بِنَاءٌ فِيهَا، فَهَلْ يُقَالُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ إذَا رَآهُ أَصْلَحَ؟ كَمَا يَتَمَلَّكُ نَاظِرُ الْوَقْفِ. وَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّهُمْ يَمْلِكُونَ رَقَبَةَ أَرْضِ الْعَنْوَةِ؟ فَظَاهِرُهُ جَوَازُهُ لِلنَّاظِرِ مُطْلَقًا إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute