أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِ الْمَوْقِفَيْنِ يَسْتَقْبِلُ الشَّمْسَ، أَوْ يَسْتَقْبِلُ رِيحًا يُؤْذِيهِ اسْتِقْبَالُهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَالْآخَرُ يَسْتَدْبِرُهَا؛ قُدِّمَ قَوْلُ مَنْ طَلَبَ اسْتِدْبَارَهَا؛ لِأَنَّهُ أَحَظُّ لَهُمَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي شَرْطِ الْمُنَاضَلَةِ اسْتِقْبَالُ ذَلِكَ؛ فَالشَّرْطُ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ؛ لِدُخُولِهِمْ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الرَّمْيِ لَيْلًا؛ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ.
فَإِنْ كَانَ الْمَوْقِفَانِ سَوَاءً فِي اسْتِدْبَارِ الشَّمْسِ كَانَ الْوُقُوفُ إلَى الَّذِي يَبْدَأُ فَيَتْبَعُهُ الْآخَرُ، فَإِذَا صَارَ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَقَفَ الثَّانِي حَيْثُ شَاءَ، وَيَتْبَعُهُ الْأَوَّلُ لِيَسْتَوْفِيَا.
(وَإِنْ أَطَارَتْهُ) - أَيْ: الْغَرَضَ - (الرِّيحُ فَوَقَعَ السَّهْمُ مَوْضِعَهُ) - أَيْ: الْغَرَضِ - (وَشَرْطُهُمْ) - أَيْ: الْمُتَنَاضِلَيْنِ - (خَوَاسِقَ وَنَحْوَهُ) كَخَوَاسِقَ وَمُقَرْطِسٍ؛ (لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِهِ وَلَا عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّا لَا نَدْرِي هَلْ كَانَ يَثْبُتُ فِي الْغَرَضِ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا أَوْ لَا.
[وَإِنْ وَقَعَ - السَّهْمُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْغَرَضِ اُحْتُسِبَ بِهِ عَلَى رَامِيهِ لِتَبَيُّنِ خَطَئِهِ] .
وَإِنْ وَقَعَ السَّهْمُ فِي الْغَرَضِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي طَارَ إلَيْهِ الْغَرَضُ حُسِبَتْ الرَّمْيَةُ عَلَيْهِ أَيْضًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ اتَّفَقَا عَلَى رَمْيِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي طَارَ إلَيْهِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ أَلْقَتْ الرِّيحُ الْغَرَضَ عَلَى وَجْهٍ إذَا وَقَعَ السَّهْمُ فِيهِ حُسِبَ عَلَى رَامِيهِ، وَإِنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ الْغَرَضَ، فَوَقَعَ السَّهْمُ مَوْضِعَهُ؛ اُحْتُسِبَ بِهِ لِرَامِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْغَرَضُ مَوْضِعَهُ لَأَصَابَهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَا أَطْلَقَا الْإِصَابَةَ.
وَلَوْ كَانَ الْغَرَضُ جِلْدًا وَخِيطَ عَلَيْهِ كَشَنْبَرِ الْمُنْخُلِ، وَجَعَلَا لَهُ عُرًى وَخُيُوطًا تُعَلَّقُ بِهِ فِي الْعُرَى، فَأَصَابَ السَّهْمُ الشَّنْبَرَ أَوْ الْعُرَى وَشَرْطُهُمْ خَوَاصِلَ اُعْتُدَّ بِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْغَرَضِ.
وَأَمَّا الْمَعَالِيقُ وَهِيَ الْخُيُوطُ؛ فَلَا يُعْتَدُّ بِإِصَابَتِهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْغَرَضِ.
(وَإِنْ عَرَضَ) لِأَحَدِهِمَا (عَارِضٌ مِنْ كَسْرِ قَوْسٍ أَوْ قَطْعِ وَتَرٍ أَوْ رِيحٍ شَدِيدَةٍ؛ لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ بِالسَّهْمِ) وَلَا عَلَيْهِ (- وَلَوْ أَصَابَ -) وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّ الْعَارِضَ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنْ الصَّوَابِ إلَى الْخَطَإِ يَجُوزُ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنْ الْخَطَإِ إلَى الصَّوَابِ، وَإِنْ حَالَ حَائِلٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَرَضِ فَنَفَذَ مِنْهُ وَأَصَابَ الْغَرَضَ؛ حُسِبَ لَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ سِدَادِ الرَّمْيِ وَقُوَّتِهِ (وَإِنْ عَرَضَ مَطَرٌ، أَوْ ظُلْمَةٌ) عِنْدَ الرَّمْيِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute