قِيمَتُهُ يَوْمَ وِلَادَتِهِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ بِاعْتِقَادِهِ الْحُرِّيَّةَ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ فِي وَطْئِهِ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا وَلَوْ مُطَاوَعَةً، لِأَنَّ الْمَهْرَ لِلسَّيِّدِ فَلَا يَسْقُطُ بِمُطَاوَعَةِ الْمَوْطُوءَةِ، إلَّا أَنْ يَأْذَنَ السَّيِّدُ فِي الْوَطْءِ، فَلَا مَهْرَ وَلَا أَرْشَ وَلَا فِدَاءَ لِلْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِإِذْنِهِ.
وَأَمَّا إعَارَةُ الْأَمَةِ لِلْخِدْمَةِ، فَإِنْ كَانَتْ بَرْزَةً أَوْ شَوْهَاءَ؛ جَازَ لِسَيِّدِهَا أَنْ يُعِيرَهَا مُطْلَقًا؛ لِلْأَمْنِ عَلَيْهَا، وَالْجَوَازُ يَحْتَمِلُ نَفْيَ التَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ أَصْلَ الْعَارِيَّةِ النَّدْبُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَحِينَئِذٍ تَكْمُلُ لِلْعَارِيَّةِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ.
(وَكُرِهَ اسْتِعَارَةُ أَصْلِهِ) كَأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَجَدِّهِ وَجَدَّتِهِ وَإِنْ عَلَوَا (لِخِدْمَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْوَلَدِ اسْتِخْدَامُ أَحَدِهِمْ؛ فَكُرِهَتْ اسْتِعَارَتُهُ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ (لَا) يُكْرَهُ لِلْفَرْعِ (إعَارَتُهُ) - أَيْ أَصْلِهِ - لِأَجْنَبِيٍّ لِلْخِدْمَةِ كَذَا قَالَ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ، لِتَسَبُّبِهِ فِي امْتِهَانِهِ.
قَالَ الْخَلْوَتِيُّ: قَالَ شَيْخُنَا: وَعَلَى قِيَاسِهِ أَنَّهُ يُكْرَهُ إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِلْخِدْمَةِ أَنْ يُعِيرَهُ لِذَلِكَ؛ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ انْتَهَى.
وَلِلْمُسْتَعِيرِ رَدُّ الْعَارِيَّة مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لَازِمَةً.
(وَصَحَّ رُجُوعُ مُعِيرٍ) فِي عَارِيَّةٍ، (وَلَوْ قَبْلَ أَمَدٍ عَيَّنَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لَمْ تَحْصُلْ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَوْفَى شَيْئًا فَشَيْئًا، فَكُلَّمَا اسْتَوْفَى شَيْئًا فَقَدْ قَبَضَهُ، وَاَلَّذِي لَمْ يَسْتَوْفِهِ لَمْ يَقْبِضْهُ، فَجَازَ الرُّجُوعُ فِيهِ؛ كَالْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ (إلَّا) أَنْ يَأْذَنَ الْمُعِيرُ فِي شَغْلِ الْمُعَارِ بِشَيْءٍ (فِي حَالٍ يَسْتَضِرُّ بِهِ) - أَيْ: بِرُجُوعِ الْمُعِيرِ فِي الْعَارِيَّةِ - (مُسْتَعِيرٌ) ؛ فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ الْمُنَفِّرِ شَرْعًا، (فَمَنْ أَعَارَ سَفِينَةً لِحَمْلٍ) أَوْ لَوْحًا لِرَفْعِ سَفِينَةٍ، فَرَفَعَهَا بِهِ وَوَلَجَ فِي الْبَحْرِ، (أَوْ) أَعَارَ (أَرْضًا) لِدَفْنِ مَيِّتٍ أَوْ لِزَرْعٍ؛ لَمْ يَرْجِعْ مُعِيرٌ فِي الْعَارِيَّةِ، وَلَا يُطَالِبُ بِالسَّفِينَةِ أَوْ اللَّوْحِ مَا دَامَتْ السَّفِينَةُ فِي اللُّجَّةِ، (حَتَّى تُرْسِي) - بِضَمِّ التَّاءِ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute