(فَصْلٌ: وَمَنْ أُعِيرَ أَرْضًا لِغَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ، وَشَرَطَ) الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ (قَلْعَهُ) - أَيْ: الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ - (بِوَقْتٍ) عَيَّنَهُ لَهُ، (أَوْ) شَرَطَ الْقَلْعَ حَالَ (رُجُوعٍ) ، ثُمَّ رَجَعَ الْمُعِيرُ؛ (لَزِمَ) الْمُسْتَعِيرَ قَلْعُ مَا غَرَسَهُ أَوْ بَنَاهُ (عِنْدَهُ) - أَيْ: عِنْدَ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرَهُ - أَوْ عِنْدَ رُجُوعِ الْمُعِيرِ: وَظَاهِرُهُ (وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ) ، أَيْ: وَلَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْمُعِيرُ بِالْقَلْعِ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمُؤْمِنُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» .
قَالَ فِي الشَّرْحِ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ؛ وَلِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ دَاخِلٌ فِي الْعَارِيَّةِ بِالْتِزَامِ الضَّرَرِ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْأَرْضِ نَقْصُ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ، وَ (لَا) يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ (تَسْوِيَتُهَا) - أَيْ: الْأَرْضِ إذَا حَصَلَ فِيهَا حُفَرٌ (بِلَا شَرْطِ) الْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ذَلِكَ؛ لِرِضَاهُ بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْهُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، فَإِنْ شَرَطَهُ عَلَيْهِ؛ لَزِمَهُ؛ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ، (وَحَيْثُ لَا شَرْطَ) مِنْ الْمُعِيرِ (قَلَعَ) غِرَاسَهُ وَبِنَاءَهُ بِوَقْتٍ أَوْ رُجُوعٍ، (وَلَمْ يَقْلَعْ مُسْتَعِيرٌ) ؛ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَلْعُ؛ إلَّا أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الْمُعِيرُ النَّقْصَ؛ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» .
وَالْمُسْتَعِيرُ إنَّمَا حَصَلَ غِرَاسُهُ، أَوْ بِنَاؤُهُ فِي الْأَرْضِ بِإِذْنِ رَبِّهَا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ قَلْعَهُ؛ فَلَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ بِنَقْصِ قِيمَةِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْعَارِيَّةَ عَقْدُ إرْفَاقٍ وَمَعُونَةٍ، وَإِلْزَامُهُ بِالْقَلْعِ مَجَّانًا يُخْرِجُهُ إلَى حُكْمِ الْعُدْوَانِ وَالضَّرَرِ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَمَتَى أَمْكَنَ الْقَلْعُ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ؛ أُجْبِرَ عَلَيْهِ الْمُسْتَعِيرُ. (وَلَوْ قَلَعَ) الْمُسْتَعِيرُ غِرَاسَهُ وَبِنَاءَهُ بِاخْتِيَارِهِ (سَوَّاهَا) - أَيْ: الْأَرْضَ مِنْ الْحُفَرِ وُجُوبًا - لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِفِعْلِهِ لِتَخْلِيصِ مَالِهِ مِنْ مِلْكِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إلْجَاءٍ، أَشْبَهَ الْمُشْتَرِيَ إذَا أَخَذَ غَرْسَهُ، أَوْ بِنَاءَهُ مِنْ الْمَشْفُوعِ، وَمَتَى لَمْ يَكُنْ قَلْعُهُ بِلَا نَقْصٍ، وَأَبَاهُ مُسْتَعِيرٌ فِي الْحَالِ الَّتِي لَا يُجْبَرُ فِيهَا بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ؛ (فَلِمُعِيرٍ أَخْذُهُ) - أَيْ: الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ - (قَهْرًا بِقِيمَتِهِ) ؛ كَالشَّفِيعِ، مَا لَمْ يَخْتَرْ مُسْتَعِيرٌ قَلْعَهُ، وَتَفْرِيغُ الْأَرْضِ فِي الْحَالِ.
وَإِنْ قَالَ مُسْتَعِيرٌ: أَنَا أَدْفَعُ قِيمَةَ الْأَرْضِ لِتَصِيرَ لِي؛ لَمْ يَلْزَمْ الْمُعِيرَ؛ لِأَنَّ الْغِرَاسَ وَالْبِنَاءَ تَابِعٌ لِلْأَرْضِ، وَلِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute